تحولات مناخ العلاقات الإستعمارية عشية الحرب العالمية الثانية والعوامل المساعدة على نمو الوعي والتحرر

ـ العوامل المساعدة على نمو الوعي والتحرر:
- دور الكنيسة.
- الإيديولوجيا الماركسية.
- دعم كل من الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي: بالرغم من كونها قد نشأت من الإستيلاء على أراضي الهنود الحمر، على قهر واستغلال هذا الشعب بمعية زنوج إفريقيا وتحولها لاحقا إلى قوة إستعمارية، إلا أن الولايات المتحدة كثيرا ما كانت تقف ضد السياسات الإستعمارية وتساند أحيانا أخرى حقوق الشعوب في التحرر وما ميثاق الأطلسي (1941) سوى دليل على ذلك.
لقد جاء ميثاق الأمم المتحدة متأثرا بميثاق الأطلسي فطالب بالمساواة بين الشعوب. أما الإتحاد السوفياتي فقد ساند باكرا، منذ نجاح الثورة البولشفية، صراحة حقوق الشعوب في تقرير مصائرها من خلال تصنيفه الشعوب المستعمرة ضمن البروليتاريا، بما في ذلك بروليتاريا الدول الصناعية.
لقد ساند السوفيات  الصينيين والكوريين...إلخ. 
- إنشاء هيئة الأمم المتحدة، التي تدعو إلى المساواة والحرية.
- الحركة الآفرو- آسيوية (مؤتمر دلهي الجديدة 1949، باندونغ 1955، آكرا 1958، وفي هذه القمة الأخيرة، طالب المندوبون الحاضرون باستقلال الجزائر).
- تناقضات السياسة الإستعمارية عقب الحرب العالمية الثانية: إذا عدنا إلى مثال الإتحاد الفرنسي، فإننا نجده يتناقض مع السيادة الفرنسية، أي أن كل إتحاد فيدرالي يهدد بالضرورة الوجود الإستعماري في المستعمرات الأعضاء في الإتحاد، وذلك ما يشرح هيمنة فرنسا عليه (أي عدم المساواة بين "الدول" الأعضاء فيه).
وقد رأت الكثير من شعوب الإتحاد المذكور أن إنتماءها إلى ذلك الإتحاد يمثل خطوة نحو الإستقلال.
- نشأة وتطور حركات التحرر الوطنية في المستعمرات:
وقد تأثرت بصفة خاصة بما أطلعت عليه النخبة المثقفة (إكتشافها لتاريخها الوطني؛ تطلعها إلى إحلال المساواة في الحقوق والحريات بين المستوطنين والأهالي؛ تطلعها إلى الإستقلال وبناء أنظمة تقدمية في بلدانها...)، مثلما تأثرت أيضا باطلاع الجنود الأهالي، الذين عادوا من جبهات القتال خلال الحربين العالميتين، بالفروق الواضحة بين السياسة التي تمارسها القوى الإستعمارية في بلدانها وتلك التي تنتهجها في مستعمراتها، مما جعل من الأهالي فئات منقوصة الحقوق والحريات.
وهكذا، ما إن تهاوت كبريات الدول الإستعمارية أمام ضربات ألمانيا، إبان الحرب العالمية الثانية، حتى بدأت تخوفات الشعوب المستعمرة تزول تدريجيا وتتجسد في شكل زيادة في وعيها بضرورة التخلص من تلك "النمور الورقية".
فقد بدأت موجة التحرر عقب الحرب العالمية الثانية واتخذت أشكالا متنوعة: كالمفاوضات (التي تشكل طابعا لحركات التحرر في العديد من المستعمرات الفرنسية في إفريقيا) والحروب التحريرية (حروب الهند الصينية والجزائر مثلا) ونوع من التحرر الشكلي (مثلما تكشف لنا عنه علاقات التبعية من خلال ملاحظة واقع التواجد المعتبر للمعمرين البيض، وإحتفاظهم بـ"ممتلكاتهم"، في الكثير من مستعمرات الأمس، واستمرار تدخل القوى الإستعمارية في شؤون مستعمراتها التي تحررت لِلتَوِّ منها) ...إلخ.
ففي الجنوب الشرقي من آسيا، برهنت إنتصارات اليابانيين، في الهند الصينية وأندونيسيا وماليزيا وغيرها، عن إمكانية تفوق العرق الأصفر على نظيره الأبيض ليس بالسلاح فحسب بل بالعلم والتكنولوجيا؛ ورغم شعار "آسيا للآسياويين" الذي رفعه اليابانيون، إلا أن الآسياويين ثاروا أيضا ضدهم، مما يبرهن على أن الشعوب المستعمرة لم تعد تقو على التراجع عما إكتسبته.
وما أن انهزمت اليابان، حتى سارع من إعتمدت عليهم سلطات الإحتلال اليابانية لتوحيد الجهود ضد "العدو المشترك (الأبيض)" وتنظيم أمور البلاد، إلى جمع السلاح وإعلان الإستقلال: كأندونيسيا مثلا في 17/8/1945 والفيتنام في 3/9/1945.
وقد شكل ميلاد تلك الدول أمرا واقعيا أمام المستعمرين القدامى، الذين لم يعد يتوفر أمامهم سوى إختياران: إما الحرب وإما التنازل (تقديم التنازلات).
- الهند: كانت تتمتع بنظام قريب من الحكم الذاتي، أقحمها الإنجليز في الحرب العالمية الثانية دون إستشارة أهلها مما دفع بحزب المؤتمر للمطالبة بمنحها حق وضع دستور للبلاد، الطلب الذي قابله الإنجليز بالرفض وشرعوا بعدئذ في المناورة كي لا يتعاون الهنود مع القوة اليابانية الزاحفة على آسيا.
وحين بدأت تباشير إنتصار الحلفاء تلوح في الأفق، إقترح الماريشال فافل (1883–1950) Archibald Percivall Wavell مخططا يتم بموجبه وضع السلطة في أيدي الهنود مع احتفاظ البريطانيين بسلطتي الدفاع وحق التدخل في الحالات الطارئة، غير أن المسلمين الهنود طالبوا بالإنفصال لأنه لا يحق، في نظرهم، للمؤتمر أن يتكلم باسم كافة الهنود.
- وفي الشرق الأوسط، أدى التأثير النازي إلى محاولة رشيد علي الكيلاني (1892-1965) تخليص العراق من الهيمنة البريطانية ولكنه فشل في السنة ذاتها التي احتل فيها الألمان، اليونان (1841).
- في سوريا: أدى سماح حكومة فيشي للألمان باستخدام القواعد الجوية فيها إلى حدوث نزاع عام 1941 بين بريطانيا وفرنسا الحرة وحكومة فيشي، والذي إنتهى باحتلال سوريا الخاضعة للإنتداب. في 1945 أُرغمت فرنسا على الإعتراف بانتهاء إنتدابها في سوريا.
- انعكاسات إشراك إفريقيا في المجهود الحربي:
زيادة أسعار المواد وظهور طبقة متوسطة وزيادة عدد سكان المدن وتفكك الإرتباطات التقليدية وميلاد حركة هادئة لا تطالب لا بالعنف ولا بالإستقلال التام ولكن بإنشاء دول وطنية مرتبطة بالدول التي استعمرتها واقتباس النظم منها.
وقد تزعمها في نيجيريا أزيكيوي Nnamdi Azikiwe (1904 -1996) وفي السنغال ليوبولد سنغور Léopold Sédar Senghor (1906-2001).
وفي 1945 انعقد في مانشستر مؤتمر الشعوب الإفريقية وفيه أفصح الأفارقة بوضوح عن نيتهم في الإستقلال.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال