دراسة العلاقة بين البعد البيئ والبعد الاقتصادي.. تراكم المواد السامة وتزايد اثارها التراكمية نتيجة عدم الاهتمام بإدراج التكلفة الاجتماعية البيئية عند اتخاذ القرارات

بدأ الاهتمام بالعلاقة ما بين الاقتصاد والبيئة في التزايد خلال العقود الاخيرة من القرن العشرين، نتيجة لزيادة حدة المشكلات البيئية وتائثيراتها السلبية وتعاظم الاضرار الناتجة عنها، حيث يسود الاعتقاد خلال تلك الفترة بأن النشاط الاقتصادي ونموه  كما ونوعا، يعد من المصادر الاساسية لتلوث البيئة، وتراكم المواد السامة وتزايد اثارها  التراكمية، نتيجة عدم الاهتمام بادراج التكلفة الاجتماعية البيئية عند اتخاذ القرارات الخاصة او العامة وما يتبع ذلك من امكان تائثير تلك القرارات بالسلب على الموارد المتاحة، خاصة الشحيحة والبيئة عموما. وقد نتج عن شعور المجتمعات الاوربية التي سبقت الى التصنيع والنمو الاقتصادي دون النظر الى البيئة شعور متعاظم  بالمشكلات الصحية التي اثرت على انتاجية المجتمع في جميع مناحي التنمية. وصاحب ذالك ظهور احزاب الخضر وجماعات السلام الاخضر العالمية، وبدأ الربط بين تكلفة الحفاظ على الصحة والحد من التلوث عند المنبع ومعالجة الملوثات.
 يعتمد على الاقتصاد لتوفير الاحتياجات البشرية المتزايدة، على الموارد الطبيعية، أي ان النشاط الاقتصادي  يقوم بالدرجة الاولى على استغلال الموارد المتاحة في البيئة التي هي مصدر هذه الموارد، ومن ناحية اخرى  تمثل البيئة المجال الذي يتم فيه تصريف مخلفات العمليات الاقتصادية المختلفة سواء الانتاجية أو الاستهلاكية، وعادة ما تتمتع البيئة بقدرة ذاتية على التخلص من هذه المخلفات اذا كانت هذه المخلفات عند مستويات معقولة. كما نجد في المقابل ان البيئة  تعتمد على النشاط الاقتصادي  لتوفير الامكانات اللازمة لحماية البيئة، حيث تمكن الموارد الاقتصادية المتاحة الوسيلة التي يمكن التعامل بها مع المخلفات الناتجة من الانشطة السكانية المختلفة، فضعف النشاط الاقتصادي وعدم تحقيق معدلات نمواقتصادية مرتفعة يعنيان ان الاهتمام في الدولة منصب على توفير المتطلبات  الاساسية  دون الادارة الجيدة والاستفادة الكاملة لمخرجات عمليات توفير الغذاء والكساء. فقد وضحت تجارب العديد من الدول النامية أن اهمال الحفاظ على البيئة والاهتمام بالادارة الجيدة لمواردها ينعكس بمزيد من التدهور الاقتصادي على تنمية الدولة، حيث تتحمل مجتمعات الدول التي تهمل البيئة والحفاظ عليها  تكاليف باهظة تقوض دعائم جميع الانشطة  التنموية، حيث يحدث الضرر الصحي في القوى البشرية العاملة، نتيجة لعدم  قدرتهم على الانتاج مما يجعل محصلة الانشطة الانتاجية مطروحا منها  تكلفة الضرر الاقتصادي الواقع على هذه الانشطة سالبة  القيمة. وهذا يعني مزيدا منعدم تحقيق النمو الاقتصادي  المتوقع وفقدان  للموارد الطبيعية والبشرية التي تدفع  بعجلة  التنمية بمنظورها الاشمل في الدولة. وتنبع هنا الاهمية الاقتصادية لتبني  نظم الادارة البيئة المتكاملة  لجميع الانشطة وخاصة نظم الرعاية الصحية التي تتأثر دائما بالحالة البيئة  للدولة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال