الميتامسرح وعلاقته بالأدب والفرجة.. الكشف عن آليات اشتغالها نوعيا ووظيفيا ارتباطا بالسياق الثقافي

لقد كانت الغاية، من كل ما سبق، هي رسم إطار نظري واضح لموضوعنا يمكننا في ضوئه الاقتراب من تجليات الظاهرة الميتامسرحية في النصين المسرحيين الغربي والعربي.

هذا الإطار النظري الذي أردناه أن يكون شعريا وتأويليا في آن واحد، لأننا نعي جيدا علاقة التفاعل القائمة بين الأنساق الأدبية والأنساق الخارج - أدبية.

لقد لاحظنا أن لظاهرة الميتامسرح علاقة بفن يقوم على الأدب والفرجة في آن واحد، هو فن المسرح، لهذا كان لزاما علينا تحديد منطلق واضح يساعد على تخطيط المسار النظري ورسم آفاق المقاربة العملية للميتامسرح، فلم نجد مندوحة عن اختيار المنطلق الأدبي معتبرين المسرح ممارسة أدبية، والميتامسرح مظهرا نصيا.

لقد كان علينا أن نرصد مظاهر الاختلاف والائتلاف بين الميتامسرح وبين ظواهر أدبية قريبة منه تتصل بأنواع أدبية أخرى كالرواية والشعر.

وقد فرض علينا هذا التوجه - من زاوية الائتلاف - الاستعانة بشعرية النص الأدبي وذلك قصد النظر إلى الميتامسرح - شأنه شأن الميتارواية والميتاشعر - باعتباره مظهرا للميتانصية ونوعا من التجويف الأدبي.

كما فرض علينا أيضا - من زاوية الاختلاف - استحضار شعرية المسرح، ولاسيما في الجانب الذي يتعلق بمسألة النوع الدرامي للكشف عما تفرضه هذه الشعرية من خصوصيات تميز الميتامسرح في علاقته بالأنواع الدرامية.

إن الوقوف عند هذه الحدود الشعرية كان الهدف منه هو الكشف عن بنيات الميتامسرح وعن آليات اشتغاله نوعيا ووظيفيا.

إلا أن انفتاح هذه البنيات على مظاهر سياقية مختلفة تتعلق بالمؤلف أو بعصره أو بسياقه الثقافي، جعلنا نقترح أن تكون شعرية الميتامسرح شعرية تأويلية.

ولم يكن قصدنا بالتأويل هنا سوى الوقوف عند اتجاه المعنى نحو المرجع والكشف عن الوسائط التي يقيمها الخطاب بين الإنسان والعالم. فالنص، بالنسبة إلينا، مفتوح دوما على العالم.

إن هذا الإطار النظري هو الذي يملي علينا أفقا منهجيا لمقاربة الميتامسرح في علاقته بالمتن المسرحي الغربي والعربي.

يقوم هذا الأفق على عمليتين متداخلتين ومتكاملتين هما:
- توصيف البنيات وتحليلها.
- تأويلها.

وإذا كنا ننوي إنجاز هاتين العمليتين في ضوء النظرية التي رسمنا خطوطها، فإننا نفترض، مع ذلك، أن المقاربة من شأنها أن تكشف لنا عن علاقات مختلفة بين النظرية والممارسة.

فالأعمال الفردية قد تتطابق مع البنيات العامة أو تأخذ منها بجانب فقط، وقد تنزاح عنها بشكل يدفع إلى إعادة النظر في المبادئ الكبرى للنظرية.

ولعل ما يجعلنا نعلن عن هذه الاحتمالات منذ الآن، هو اقتناعنا بما تمليه علينا طبيعة المتن المسرحي نفسها؛ فهو يتوزع بين سياقين مختلفين: غربي وعربي. بالإضافة إلى ذلك، فطبيعة الميتامسرح نفسها تنزع نحو ما هو ذاتي وما له علاقة بهواجس المبدع الخاصة ورؤيته للأشياء من حوله.

من ثم، لا نستبعد أن يكون هناك اختلاف بين في طرق الاشتغال الميتامسرحية أو في مقصديتها من مبدع إلى آخر حتى داخل السياق الواحد نفسه، وربما سيكون لنا في "المرتجلات" خير دليل على ذلك.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال