القبيح نقيضُ الجميل. وإذا كان الجميل مبنيّاً على الانسجام والتوازن بين العناصر المكوِّنة له، فإنّ القبيح يعني التنافر بين العناصر والتفاوت، وعدم الانسجام، وغياب التفاعل فيما بينها.
إن الجميل يمنـح اللّذة والراحة وشيئاً من الرضا، والقبيح يبعث القلق والنفور، ويشكّل شعوراً بالكره لدى متلقيه؛ فهو لا ينسجم والذوق الطبيعي للإنسان.
والقبيح مصطلح جمالي موجود في الحيـاة والفن.
وهو في الإنسان مرتبطٌ - شكلاً - بتفاوت واضح بين أجزاء الجسد، أو بالتنافر بيـن الألوان التي يستخدمها، أو بالحركة.
وهو، من جهة أخرى، مرتبط بالسلوك غير السّوي الذي ينعكس سلباً على الإنسان والحياة الاجتماعية والروحية.
والقبيح في الحياة يمكن أن يشمل الإنسان والطبيعة والأصوات المرتفعة والأغاني الهابطـة، وغير ذلك.
وتَستغلُّ الأعمال الأدبية والفنية مقولةَ التنافر، وعدم الانسجام بين العناصر لتُبرز نسبةً كبيرة من القبح في الشخصية الشريرة؛ أي لتصوغً نماذجها القبيحة في الإنسان.
فالشخصية الشريرة صوِّرت، غالباً، على أنها تمتلك وجهاً مكفهراً، عبوساً، وتجاعيدَ مبالغاً فيهاً، وأنفاً طويلاً، أو عريضاً لا ينسجم وطبيعة الفم والوجه، وضحكة غير طبيعية، ناعمـة أو قوية لا تنسجم أيضاً وشكل الشخصية.
وحين يستطيع الفنان - روائياً كان، أو مخرجاً درامياً، أو مسرحياً، أو قاصاً، أو مسرحياً - رسْمَ الشخصية الشريرة، بناءً على التنافر الذي تفترضه مقولة القبيح، ينجح في إيصال ما يريدُه.
وحين لا يستطيع تحقيقَ ذلك، فقد تنتقل الشخصيةُ لديه إلى شخصية كوميدية تدمّر الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه أو تجسيده.
ويُعتَبر القبيح في الفن أحد القيم الجمالية الأساسية إلى جانب الجميل والكوميدي والتراجيدي والجليل.
والقبيح أيضاً من الموضوعات الأساسية التي يتناولها علم الجمال بالدراسة.
إن علم الجمال - كما نرى - يتناول القبيـح في الفـن ضمن جانبين أساسيين هما:
1- جانب المحتوى الذي تتجسّد فيه "قيمةُ القبيح".
ومهمّةُ علم الجمال هنا أن يبحث عن هذه القيمة، ويحدد ملامحها، وأبعادها وميزاتها، ثم يبيّن علاقتها بالقيم الجمالية الأخرى إن وُجدت، ثم طبيعةَ المساحة الممنوحة لها في النص مقارَنةً مع مساحة القيم المذكورة، وعلاقة كلّ ذلك بشعاب النص المختلفة.
2- وعلم الجمال يدرس القبيح في الفن أيضاً من خلال "جمالية الكل الفني".
فيتناول كيفية تجسيد النص لقيمة القبيح ، ومستوى هذا التجسيد.
وعلم الجمال، في هذه الحالة، يدرس قضيتين هما: الشكل الجميل الذي جسّد قيمة القبيح، والشكل القبيح الذي لم ينجح في تجسيد أ ي قيمة أخرى.
ويميّزُ علم الجمال - ضمن هذا الإطار - بين قيمة القبيح المرتبطة بالمحتوى التي يعكسها شكل جميل - وهذا هو الأمر الطبيعي في الفن - وبين الشكل القبيح الذي يعكس أيّ قيمة جمالية، فيفسدها؛ بمعنى أنه لم ينجح فـي تجسيدها إبداعياً، أي فنياً وجمالياً.
ويكوْنُ باستطاعة علم الجمال - لو ركّز على هذا الجانب الأخير - أن يحدّد مستوى إبداعية النص، ثمّ إنه يستطيع، بناءً على ذلك، تحديد القانون العام الذي استخدمه المبدع محتوىً وشكلاً للتعامل مع مفهوم القبيح.
التسميات
دراسات أدبية