علي محمود طه نجم شاعر يسبح في مداره فيصدح بالغناء والموسيقى والايقاعات الراقصة تنبعث من وجدانه لا من تفعيلاته وأوزانه، فالغناء جوهر شاعريته.
وطبيعة علي محمود طه في موسيقى الشعر مثل طبيعته كأستاذه أحمد شوقي لا تدل عليها كثرة الحديث في شعره عن الغناء .. وإنما كان لهذا الحديث دلالة وجدانية واضحة.. وأساس الموسيقى عنده تكوينه الوجداني الذي يعزف الموسيقى ويترنم بالغناء في نبض مشاعره وفي ومض اشعاره.
كان علي محمود طه وجداناً حساساً جياشاً يتغنى سراً وجهراً كأنه وردة أو ريحانة سعيدة بمكانها فوق ربوتها من حديقة الحياة أو كقول شوقي: (وشدت في الربى الرياحين همسا.. كتغني الطير في وجدانه).
ولكن الهمس كان صوتاً واحداً من الاصوات الكثيرة عند علي محمود طه فهو لا يقتصر في الغناء على الهمس فهذا وتر واحد في وجدان هذا الشاعر المتغني وما أكثر أن تتشعب أوتار التغني وتتكاثر وتتلون عنده في ألحانها وشجونها.
علي محمود طه شاعر يتغنى بمقامات الشعر العربي والشعر الأوروبي فنسمع منه حيناً ما يشبه أناشيد الشيخ علي محمود وقصائد أم كلثوم وعبد الوهاب وأغاريد اسمهان وتسمع حيناً ما يشبه الموسيقى الأوروبية السيمفونية والراقصة وصدحات (كارزو) في الاوبرتات الايطالية بصوته المستعار الجبار ودندنة مطربات أوروبا ومطربيها حين يتغنون بأصواتهم الطبيعية.
فهو يقول: ايها الشاعر اعتمد قيثارك .. واعزف الآن منشدا اشعارك.. واجعل الحب والجمال شعارك.. وادع بما دعا الوجود وبارك.
ولم يختلف مصير الملكة (كليوباترا) بين يدي هذا الشاعر عن مصير (سافو) الإغريقية فقد أنطقها وجدانه المضطرم بغنائه الخاص (كيلوباترا.. أي حلم من لياليك الحسان.. طاف بالموج فغنى وتغنى الشاطئان.. اصدحي أيتها الأرواح باللحن البديع.
وفي إحدى رحلاته الأوروبية زار المنزل الأثري للموسيقار فاجنر في مدينة ليبنرج وفي رحلته عرج الشاعر على سويسرا فأقام أياما واستمع إلى العديد من المعزوفات الموسيقية وألحان الفالس الكبير ولحن الدانوب الأزرق.. هكذا كان علي محمود طه يرى كل شيء ويعبر عن كل شيء يحيل الصورة والاخيلة والمشاعر والرموز والاحلام والنزوات إلى غناء في الوجدان قد لا يطرب الا صاحبه وقد يطربك معه.. وكانت قضيته في مجتمع هي قضية الاستمتاع بحياة الوجدان وحماية جوارحه من الحرمان وهي قضية جميع الشعراء الرومانسيين الذين عاشوا في القاهرة في تلك الحقبة من تاريخ مصر الحديث.
التسميات
أعلام