صيغة الخطاب الروائي.. التحليل البنيوي للسرد والارتباط بالقصة وبالخطاب

انتقل الباحث إلى الفصل الثاني (صيغة الخطاب الروائي) حيث مهّد له نظرياً بأن اللسانيات إذا كانت ترى أن أعلى وحدة يمكنها التعامل معها هي (الجملة)، فإن (الخطاب)، باعتباره مجموعة من الجمل، هو جملة كبرى تُعامل كالجملة، دراسة وتحليلاً، من قبل الاتجاهات اللسانية.

وإن (التحليل البنيوي للسرد) قد استوى منذ أواسط الستينات.
ويمكن اعتبار العدد الثامن من مجلة (تواصلات) الفرنسية لعام 1966، والخاص بالتحليل البنيوي للسرد هو المنطلق التأسيسي الذي استندت إليه كل الدراسات التالية التي تطوّرت فيما بعد تطوراً مذهلاً.

ففي هذا العدد نجد دراسة عن (مقولات الحكي) لتودوروف، تحدّث فيها عن صيغ الحكي، رابطاً إياها بجهاته وزمنه، وموضحاً أنه إذا كانت (الرؤيات) تتعلق بالطريقة التي عبرها يتم إدراك القصة من قبل الراوي، فإن صيغ الخطاب تتعلق بالطريقة التي يقدم بها الراوي القصة أو يعرضها. والصفتان الأساسيتان: العرض، والسرد، ترتبطان بالقصة وبالخطاب.

ولقد جال الباحث في رحاب هذا البحث الجديد، وعرض آراء الباحثين المعاصرين وإضافاتهم في (الصيغة) أو الطريقة التي بواسطتها يتم تقديم القصة في الخطاب. وهذا ما يمكّن من الوصول إلى إقامة (نمذجة) للرواية، وذلك من خلال محاولة الإجابة عن: لماذا تهيمن هذه الصيغة أو تلك في حقبة ما؟ أو عند روائي ما؟ أو في تجربة روائية معينة؟

ثم التفت إلى الجانب التطبيقي لهذا المهاد التنظيري، فعاد إلى الروايات الخمس التي حلل (الزمن) فيها في الفصل الأول، ليحلل (السرد) فيها هنا فوجد في رواية (الزيني بركات) سبعة أنواع من الخطاب هي: خطاب الراوي، والتقرير، والمذكرة، والرسالة، والنداء، والخطبة، والمرسوم السلطاني.

وتعدد الخطابات يطرح مسألة رصد مواصفات كل خطاب على حدة، من أجل إبراز صيغه في مستوى أول، ثم ربط تلك الخطابات في إطار الخطاب الروائي ككل، بهدف تعيين صيغته في المستوى الثاني.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال