سعيد الغانمي ومعرفة الآخر.. السيميائية، التفكيكية، البنيوية.. الحداثة والتراث وجهان لعملة واحدة

معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة

سعيد الغانمي ناقد حداثي عراقي، أصدر مع زميليه كتاب (معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة) 1990 جعلوه ثلاثة فصول: فصل عن (السيميائية) كتبه عواد علي، وفصل عن (التفكيكية) كتبه عبد الله إبراهيم، والفصل الثالث عن (البنيوية) كتبه سعيد الغانمي.

وقد قدّم الباحثون كتابهم على أنه "مساهمة عربية في التعريف بأبرز المناهج الحديثة في العلوم الإنسانية، ولا تدّعي تبنّي طروحاتها"، تخلصاً من التّهم التي ستنالهم بوصفهم من تجار "الأفكار المستوردة"، وكأنه لا تثريب علينا إن نحن تركنا تجار المخدرات يعيثون فساداً في النفوس، وتجار الأدوية يعيثون فساداً في الأبدان، وتجار السلاح يعيثون فساداً في البلاد، ورصدنا تجار الأفكار، في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة إلى أقلام واعدة تساهم في تطوير واقعنا المتخلف وتحديثه في جميع الحقول وفي شتى الميادين.

إن (معرفة الآخر) لا تعني التماهي به، وإنّ أخْذنا بالمناهج الغربية الحديثة في الفكر والنقد لا يعني تخلّينا عن هويتنا وذاتنا تراثنا.

ذلك أن الحداثة والتراث هما وجهان لعملة واحدة، يتكاملان ولا يتناقضان.
ولنا في اليابان أسوة حسنة.

أصول البنيوية واللسانيات الحديثة

ويقدّم الباحث عبد الله إبراهيم للبنيوية بتمهيد يرى فيه أن أصول البنيوية تتجلّى في اللسانيات الحديثة، ومدرسة الشكليين الروس، وحلقة براغ اللغوية ففي اللسانيات الحديثة قوّض (سوسير) أصول الدرس اللغوي التقليدي.

وأضفى على اللغة أهمية لم تكن تتمتع بها من قبل، ولجأ منهجياً إلى اشتقاق ثنائيات عُدّت مرتكزات أساسية في المباحث اللغوية؛ كاللغة / والكلام، والتزامن / والتعاقب، والدال /والمدلول.

وقد سهّلت هذه الثنائيات العملية الوصفية -الاستقرائية- للظاهرة اللغوية، على مستوى الدراسة المنهجية التزامنية للغة، أو التعاقبية التطورية، أو في الوقوف على ظاهر النص وباطنه كما هو الأمر في البحث الدلالي، أو في القراءة الأفقية والعمودية، كما هو الأمر في تتبع المفردات اللغوية حسب نسقها الخطّي /الظاهر أو علاقاتها العميقة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال