نشأت البنيوية في فرنسا، في منتصف الستينيات من القرن العشرين عندما ترجم (تودوروف) أعمال الشكليين الروس إلى الفرنسية. فأصبحت أحد مصادر البنيوية.
ومن المعلوم أن مدرسة (الشكليين الروس) ظهرت في روسيا بين عامي 1915 و1930، ودعت إلى الاهتمام بالعلاقات الداخلية للنص الأدبي، واعتبرت الأدب نظاماً ألسنياً ذا وسائط إشارية (سيميولوجية) للواقع، وليس انعكاساً للواقع.
واستبعدت علاقة الأدب بالأفكار والفلسفة والمجتمع. وقد طورت البنيوية بعض الفروض التي جاء بها الشكليون الروس.
المصدر الثاني الذي استمدت منه البنيوية هو (النقد الجديد) الذي ظهر في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين في أمريكا، فقد رأى أعلامه "أن الشعر هو نوع من الرياضيات الفنية" (عزرا باوند)، وأنه لا حاجة فيه للمضمون، وإنما المهم هو القالب الشعري (هيوم)، وأنه لا هدف للشعر سوى الشعر ذاته (جون كرو رانسوم).
والألسنية هي المصدر الثالث الذي استمدت منه البنيوية، ولعلها أهم هذه المصادر، وعلى الخصوص ألسنية فرديناند دي سوسير (1857-1913) الذي يُعد أبا الألسنية البنيوية، لمحاضراته (دروس في الألسنية العامة) التي نشرها تلامذته عام 1916 بعد وفاته.
وعلى الرغم من أنه لم يستعمل كلمة (بنية) فإن الاتجاهات البنيوية كلها قد خرجت من ألسنيته، فقد مهد لاستقلال النص الأدبي بوصفه نظاماً لغوياً خاصاً. وفرق بين اللغة والكلام: (فاللغة) عنده هي نتاج المجتمع للملكة الكلامية، أما (الكلام) فهو حدث فردي متصل بالأداء وبالقدرة الذاتية للمتكلم.
وقد شدد سوسير على دراسة اللغة دراسة وصفية داخلية، وعلى كونها نظاماً خاصاً من العلامات أو الإشارات المعبرة عن الأفكار.
وأثّر قوله بالاهتمام بالأنساق في دعوة البنيويين إلى الفصل بين دراسته الأدب ودراسة تاريخ الأدب.
وقوله بالطابع الاعتباطي للعلامة اللفظية، اعتقاداً منه بأن (الدال) أو الصورة السمعية للكلمة لا تنطوي على أية إشارة أو إحالة إلى مضمون (المدلول).
وقد تأثر رواد النقد البنيوي الفرنسي بسوسير، ودفعهم هذا التأثر إلى الكشف عن أنساق الأدب وأنظمته وبنياته، باعتبار الأدب نظاماً رمزياً يحوي نظماً فرعية، فذهب (بارت) إلى تقعيد القصة وتحليل السرد، بينما اهتم (تودوروف) بأدبية الأدب، أو بما يجعل من الأدب أدباً.
فإذا توغلنا في عمق التنظير البنيوي وجدنا أسماء عديدة في بناء البنيوية منهجاً نقدياً أمثال: ياكوبسون، وغريماس، وشتراوس، وفوكو، وجوليا كريستيفا، وسولرز، ولاكان... وغيرهم، كما أسهم كثيرون في بيان هذا المنهج النقدي الجديد، أمثال: أوزياس، وريفاتير، وكابانس، وشولز، وكيرزويل، وايغلتون، وغيرهم.
التسميات
تطبيقات بنيوية