هل تصلح دراسة الصورة الفنية مدخلا لدراسة الشعر؟ الصورة تتكون من اتحاد العناصر الموضوعية بالعناصر الذاتية



يمكن القول في هذا المجال، وبالإرتكاز على ماسبق ذكره: بما أن الصورة تتكون من اتحاد العناصر الموضوعية بالعناصر الذاتية، فإن دراسة الصور الجزئية تؤدي إلى دراسة الصورة الكلية ومن ثم دراسة النص. ودراسة الشعر - من خلال دراسة الصورة - تتميز بالدقة والعمق والشمولية.
فلو أردنـا مثلاً أن ندرس الرمز في الشعر، فإن دراسته من خلال الصورة تفرض علـى الدارس أن يتناوله ضمن علاقته بالعناصرالأخرى وضمن السياق العام، لأن طبيعة الصورة ودراستها تفترض النظر إلى عناصرها مجتمعة، ومراعاة أثر كل عنصر في الآخر.
وبمعنى آخر: إن دراسة الرمزأو الأسطورة أو حركة الواقع الإجتماعي من خلال الصورة يتبغي دراستها بعلاقتها ضمن الصورة الجزئية وضمن السياق العام للنص.
أما حين يدرس الرمز أو غيره من العناصر خارج الصورة فيمكن أن يدفع الدارس إلى تناوله بمعزل عن بقية عناصر النص، وبهذا يفقده كثيراً من ميزاته، ومن إيحاءاته.
ولعل أهم مأخذ على الدراسات النقـدية التي تتناول الشعر دون الإعتماد على الصورة كمدخل إلى دراسة الشعر، فصلها لعناصر القصيدة، ودراسـة كل عنصر على حدة.
ولهذا فنحن نقرأ اليوم عناوين دراسات ورسائل جامعية مثل: المضمون الإنساني في الشعر العربي المعاصر والإلتزام في الشعر العربي، وغير ذلك، إن مثل تلك الدراسات يغفل حقيقة مهمة لا يمكن دراسة الشعر المعاصر دونها وهي: تفاعل عناصر النص فيما بينها، وعن طريق هذا التفاعل يتكون المناخ العام وتبدو الأبعاد ويدرس النص، لأننا لا ننتظر من الشعر أن يقدم فتحاً جديداً في الفكر دون تفاعله مع العناصرالأخرى.
فلو افترضنا أن الفكرة المطروحة في نص ما متداولة وعادية، فإنها حين تدرس، أو ينظر إليها بتفاعلها مع العناصر الأخرى المكونة للنص قد تكون كشفاً جديداً وعطاءاً مميزاً، وهنا تكمن إبداعية الشعر، ولعل هذا ماتحاول دراسة الصورة الفنية أن تحققه للنص الشعري من خلال طرحها لطريقة دقيقة في الدراسة.
مما سبق نلاحظ مايلي:
- إن دراسة الصورة تعني دراسة عناصرها، وعناصر الصورة هي عناصر الشعر ودراستها تعني دراسته.
- إن دراسة الصورة تترك مجالاً واسعاً لدراسة كل عنصر من عناصرها وحده، ثم تنتقل -بعد ذلك- إلى دراسـة تفاعل تلك العناصر فيما بينها، ودراسة القصيدة تأخذ بعدها الحقيقي في اكتشاف كليتها، ويتم هذاالاكتشاف من خلال النظر إلى العناصر مجتمعة.