ينطلق شميلنغ في تحديده للميتامسرح في كتابه "الميتامسرح والتناص: مظاهر من المسرح داخل المسرح Métathéâtre et Intertexte: Aspects du Théâtre dans le Théâtre" من منطلق جديد يستفيد من نظرية التناص ومن الهرمينوطيقا الأدبية، حيث يبحث في الكيفية التي يجعل بها التفكير الميتادرامي من النص المسرحي نوعا من التاريخ الأدبي الممسرح، وفي مدى مساهمة المسرح داخل المسرح في بناء هيرمنوطيقا أدبية.
ويقصد شميلغ بالميتامسرح كل إجراء يقوم على اللعب داخل اللعب سواء تحقق عبر الشكل التام المعروف بالمسرح داخل المسرح أو عبر أشكال أخرى، لأن الأساس الذي يستلزم حضوره هو ما يسمى بالمضاعفة.
وللمضاعفة وجه جمالي يتمثل في مستويات اللعب التي ينتج عن تعددها تعدد منظورات تلقيها، ووجه فلسفي يتمثل في "التأملية" التي تشكل عصب هذه المضاعفة.
لنستمع إليه وهو يعرّف الميتا مسرح قائلا: "يمكننا، بالقياس على التقابل الذي تقيمه البنيوية بين الأدب - الموضوع والميتا- أدب، أن نعبر بمصطلحي مسرح - موضوع وميتامسرح عن الاتجاهين الكبيرين للمسرح غير المفكر فيه واللعب داخل اللعب.
لكن كيفما كانت التسميات المستعملة، نلاحظ أنها تتضمن عنصرا مشتركا يمكننا تسميته: "اللعب الدرامي ذو الشكل المفكر فيه " الذي يظهر طابعه التأملي عبر مستويات مختلفة".
وانسجاما مع الافتراض الذي انطلق منه، حاول شميلنغ إبراز العلاقة القائمة بين الميتامسرح كشكل تأملي ومضاعف وبين تاريخ الأدب، مؤكد "أن المسرح داخل المسرح يشكل نوعا من التاريخ الأدبي داخل العمل نفسه، لأنه يتضمن، شأنه شأن كل شكل مفكر فيه، نقدا أو حكما على ماض أدبي بشكل عام، وعلى شروط إنتاج نوع وتلقيه بالخصوص. لذا، يمكن أن تكون للميتامسرح وظيفة تأويلية محايثة تقتضي الإشارة إلى ما ينتمي لتقليد متجاوز وتحسيس المتلقي بالتطور. إنه يشكل، إذن، أدب مواجهة".
إن هذا التصوير يعيد النظر في المفهوم الكلاسيكي لتاريخ الأدب الذي كان يؤرخ للوقائع الأدبية من خارج الإنتاج الأدبي، وليس من داخله، ليعوضه بمفهوم جديد يؤكد على الطابع المحايث لهذا التاريخ باعتباره إجراء مرتبطا بشكل درامي يقوم على المضاعفة والتأملية، ويستغل بعض الآليات الميتامسرحية التامة (المسرح داخل المسرح) أو المحيطية (المقدمة prologue الخاتمة Epilogue، مخاطبة المتفرج، الجوقة، تفجير الدور المسرحي، المناجاة، إدخال موجه للعب).
إن أهمية تصوير شميلنغ تكمن في استخلاصه لمكونين أساسيين في الميتامسرح: أحدهما بنيوي يعتبره شكلا تجويفيا يقوم على المضاعفة والتأملية، وثانيهما هرمنوطيقي ويقوم ببناء تاريخ أدبي محايث للعمل المسرحي.
وهذا التصور بقدر ما يساعدنا على ضبط البنيات التي يقوم عليها الميتامسرح في عمل ما، بقدر ما يحتم ضرورة وضع هذه البنيات ضمن جدلية العلاقة بين الإنتاج والتلقي والكشف، بالتالي، عن صيرورة المسرح.
التسميات
مرتجلات ميتامسرحية