إذا كان بيرانديلو قد ساهم في إرساء الأسس المعرفية والجمالية التي قام عليها الميتامسرح في الغرب، فإن المسرحيين العرب، قد اتخذوا من تجربته مطية لترسيخ نوع من الممارسة الميتامسرحية في النص الدرامي العربي بشكل جعلها تخصب هذا النص، وتكسبه تقنيات جديدة في الكتابة والرؤية.
وإذا كان النقد المسرحي العربي لم ينتبه، بشكل بارز، إلى هذا الجانب، إلا أننا لا نعدم، مع ذلك، وجود بعض الدراسات التي وقفت على هذه العلاقة بين بيرانديلو والمسرح العربي، ومنها، على وجه الخصوص، ما أنجزه الدكتور حسن المنيعي حول "أثر بيرانديلو في مسرح توفيق الحكيم"، موضحا هذا الأثر على مستوى تقنيات الكتابة ولاسيما منها تقنية المسرح داخل المسرح، وعلى مستوى الرؤية، حيث بين محاولة الحكيم مسرحة الصراع بين الكينونة والصيرورة وأثره على مسألة التواصل، "على أن هذا الموقف ليس هو العنصر الوحيد الذي يجسد أثر بيرانديلو في مسرح الحكيم، بل هناك عناصر أخرى مثل "المسرح داخل المسرح" و "الإشارات المسرحية" (لنقارن، مثلا، بين التصوير الذي تبدأ به مسرحية "ست شخصيات تبحث عن مؤلف" والتصوير التمهيدي لمسرحية "يا طالـع الشجـرة").
وإذا كانت هذه المظاهر التي أشار إليها المنيعي تحضر بمستويات مختلفة في كتابة الحكيم، فإنها تتجسد عبر مسرحية "عطيل والخيل والبارود" (1973) لعبد الكريم برشيد في إطار استراتيجية تناصية شاملة واضحة المعالم والأبعاد، لا تقف عند مستوى دون آخر، بل تتخذ من البنيات الحكائية والموضوعاتية والتمسرحية في شموليتها، إطارا لهذا التناص.
التسميات
بنيات ميتامسرحية