ما أن تحقن الأدوية المضادة للسرطان بالدورة الدموية حتى تبدأ عملها في التأثير على الخلايا السرطانية، التي هي بصفة عامة خلايا نشطة وسريعة النمو والانقسام وغزيرة التكاثر.
وبالمقابل يشمل مفعول العقاقير بعض الخلايا الطبيعية السليمة سريعة النمو وغزيرة الإنتاج ودائمة الاستبدال مثل خلايا النخاع العظمي وأنسجة الجهاز الهضمي.
الأمر الذي يؤدي إلى نشوء التأثيرات والمضاعفات الجانبية المصاحبة لتلقي العلاجات.
ولحسن الحظ فأغلب هذه التأثيرات قابلة للإنعكاس أي أنها مؤقتة، وتزول غالبا بمجرد التوقف عن تناول العلاجات، وبعضها يزول حتى قبل أن تنتهي.
وتجدر الإشارة إلى أن ظهور التأثيرات الجانبية من عدمه لا يُعد دليلاً على فاعلية وكفاءة العقاقير المستخدمة كما قد يتبادر إلى الذهن، فهي تختلف بشكل كبير في الشدة والنوعية من شخص لآخر، ومن عقار لآخر ومن دورة علاجية لأخرى حتى بالنسبة لنفس الشخص.
وتعتمد أساسا على نوع وجرعة العقار المستخدم وتفاعل الجسم حياله، والتحاليل المتعددة والفحوصات المخبرية فحسب تُنبيء عن مدى نجاعته.
ومن الملاحظ أن الأطفال يتميزون عن البالغين فيما يتعلق بالعلاج الكيماوي، فشدة التأثيرات الجانبية لديهم أقل من البالغين كما أنهم يتعافون من مفعولها بشكل أسرع.
وتكمن إحدى الميزات المباشرة لقلة التأثيرات السُمية، في أن الطبيب بمقدوره إعطاء جرعات عالية من العقاقير اللازمة للقضاء على الأورام.
أما أنواع الخلايا العادية غزيرة التكاثر وسريعة النمو والتي تتأثر عادة بالعقاقير، فتشمل خلايا وأنسجة النخاع العظمي المنتجة لخلايا الدم، وخلايا وأنسجة الجهاز الهضمي (الفم و المريء و المعدة و الأمعاء) وجذور الشعر، والخلايا التناسلية.
كما أن لبعض العقاقير تأثيرات على أنسجة بعض الأعضاء الحيوية، مثل القلب والـرئة والكِـلى والكبد والمثانة والجهاز العصبي.
وبطبيعة الحال يتم إعطاء أدوية مساندة لتجنب مثل هذه التأثيرات وللوقاية منها قبل وأثناء المعالجة.
ومن الطبيعي أن يقوم الفريق الطبي المعالج بالمراقبة الدقيقة للمريض تحسباً للتأثيرات الجانبية ومضاعفاتها.
وثمة علاجات لمعظم هذه التأثيرات، إلا أن الأكثر أهمية هو السعي لتجنب نشوء الحاد منها، واتخاذ التدابير الوقائية المسبقة لمنعها أو للتخفيف من حدتها.
وثمة العديد من الفحوصات سواءاً التصويرية أو التحليلية يتم إجراؤها لتقصي التأثيرات الجانبية وتحضيراً لتناول الجرعات، ومن الفحوصات المعتاد إجراؤها:
- إجراء تعداد الدم الكامل والذي يتضمن تعداد مختلف خلايا الدم، من كريات بيضاء وكريات حمراء وصفائح دموية ويحمور الدم، والنسب المختلفة لهذه الخلايا، بغرض تقصي مدى تأثر الخلايا المنتجة للدم بالنخاع العظمي والغدد الليمفاوية بالعقاقير الكيماوية، ومدى إمكانية مواصلة تناولها أو ضرورة تخفيضها أو تعديلها.
- التحليل الدوري لكيميائيات الدم، وذلك لقياس مستويات بعض المركبات والمواد الكيميائية بالدم، والتي توضح مدى تأثر الكبد والكليتين وفاعليتهما، حيث لبعض العقاقير تأثيرات مؤذية لهذين العضوين المهمين.
- قياس معدل ترشيح كبيبات الكليتين (Glomerular filtration rate GFR) لتقصي فاعلية الكلى في تأدية وظيفتها.
وهذا التحليل عادة يتم بإحدى طريقتين، إما بقياس معدل اللحمينين أو الكرياتنين (creatinine) بالبول خلال فترة زمنية محددة، أو بإجراء الفحوصات التصويرية للكليتين.
وهذه القياسات مهمة لحساب جرعات أنواع معينة من العقاقير الكيماوية.
وهذه القياسات مهمة لحساب جرعات أنواع معينة من العقاقير الكيماوية.
- إجراء تخطيط صدى القلب (echocardiogram) لقياس طاقة ضخ القلب للدم، حيث قد تؤثر أنواع معينة من العقاقير الكيماوية على القلب.
وتجدر الإشارة إلى انه يتم حقن سوائل ومحاليل إضافية وريديا قبل تناول معظم العقاقير الكيماوية، ويستمر ذلك إلى فترات زمنية متفاوتة حسب نوع العقار المستخدم عقب الانتهاء من جرعاتها، وذلك لزيادة معدلات التروية بالجسم ومعادلة بعض المركبات بالدم.
ومن المفيد بهذا الصدد، الإشارة إلى العارض المعروف بمتلازمة الإنحلال الورمي (Tumor lysis syndrome)، لدى حالات اللوكيميا والأورام الليمفاوية، ويُعتبر كأحد التأثيرات الجانبية للعلاج الكيماوي، وينتج عند الإنحلال السريع للخلايا الورمية، التي عند موتها تطلق مخلفات انحلالها.
وتزيد من نسبة بعض المركبات والمعادن بالدم مثل حمـض البوليك ( Uric acid) والبوتاسيوم و الفوسفات، وتُخفض من نسبة الكالسيوم، وإن لم تتخذ التدابير الوقائية فقد تنشأ مضاعفات بالكليتين والقلب والجهاز العصبي.
وعادة تبدأ هذه التدابير قبل المباشرة بالعلاجات وتتضمن زيادة معدل التروية عند المريض والتأكد من تناول الكثير من السوائل، وإعطاء محاليل البيكربونات لزيادة قلوية البول، واستخدام أدوية معينة مثل عقار اللوبرينول (Allopurinol) الذي يساعد في تخفيض نسبة حمض البوليك، وعقار يوريكوزيم (Uricozyme)، و ذلك للمساعدة في التخلص من مخلفات الإنحـلال، ولحماية الكليتين على وجه الخصوص.
التسميات
العلاج الكيماوي للسرطان