لقد ظهر فن المدح في أشعار الجاهليين مبكرا، وكان الشاعر الجاهلي لا يندفع إلى المدح تكسبا بل إعجابا بالشمائل والأخلاق، كالعقل والشجاعة والعدل والعفة، وهي قيم إنسانية خالدة.
وكان للشاعر الجاهلي دور فعال في إشاعة هذه الأخلاق والترويج لها، والحث عليها في قبيلته أولا، ثم نشرها في المجتمع وترسيخها في النفوس.
وكان شعر المدح –قبل احترافيته- فنا راقيا كان الشعراء يصنعونه للفكاهة أو للمكافأة، (وكانت العرب لا تتكسب بالشعر، وإنما يصنعه أحدهم فكاهة أو مكافأة عن يد لا يستطيع أداء حقها إلا بالشكر إعظاما لها، حتى نشأ "النابغة الذبياني" فمدح الملوك، وقَبِلَ الصلة على الشعر، وخضع للنعمان بن المنذر فسقطت منزلته... وتكسب "زهير بن أبي سلمى" يسيرا مع "هرم بن سنان"، فلما جاء "الأعشى" جعل الشعر متجرا يتجر به نحو البلدان، وقصد به حتى ملك العجم فأثابه وأجزل عطيته، وأكثر العلماء يقولون أنه أول من سأل بشعره)(1).
وكانت قيم المدح مشتركة ينهل منها الشعراء المداحون فلا يتجاوزونها، وهي: العقل و العفة والعدل والشجاعة، كان القاصد للمدح بها مصيبا وبما سواها مخطئا.
(1)- ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده- تحقيق عبد الحميد هنداوي- المكتبة العصرية- صيدا- ط1- 2001- 1/69.
التسميات
أغراض شعرية