التأويل الثقافي ونقد النص التراثي لإظهار المعاني في النصوص الأدبية من خلال تحليل المفردات والتركيب والمحتوى النصي

أقبل النقاد والباحثون إلى منهج التأويل، في نقد النص التراثي لإظهار المعاني في النصوص الأدبية من خلال تحليل المفردات والتركيب والمحتوى النصي.

وتوزع التأويل إلى ممارسات عديدة، وأولها التأويلات الرمزية، وثانيها الإحالة إلى الخصائص الثقافية كالأدلة والمرجعيات والبيئة الثقافية والتأويل النصي تشابكاً مع الاتجاهات النقدية العميقة كالموضوعية والظاهراتية من أجل تحديد المعنى والتأويل والأنساق الثقافية والاجتماعية والنفسية.

ومن اللافت للنظر أن منهج التأويل مندغم في المجازية والبلاغية والفيوضات اللغوية والإشارات والعلامات والرموز وسواها.  وأذكر في منهج التأويل ثلاثة مؤلفات في نقد النص التراثي أولها "الكنز والتأويل" لسعيد الغانمي (العراق)، وثانيها "النقد العربي: نحو نظرية ثانية" لمصطفى ناصف (مصر)، وثالثها "السرد العربي القديم: الأنساق الثقافية وإشكاليات التأويل" لضياء الكعبي (البحرين).

صدّر الغانمي كتابه بكلمة مفتاحية لابن عربي من "الفتوحات المكية": "الكلمات كنوز وإنفاقها النطق بها"، واستعان في تمهيده لبحثه بكلمة للجرجاني في "أسرار البلاغة"، ولآيزر لدعم القول بأن في القراءة درراً وكنزاً، و"أن التأويل الذي يقوم به هو اكتشاف هذا الكنز، فالقراءة دائماً بحث للعثور على كنز، وضعه شخص مجهول في الحكاية.

لكن كنوز الكلمات كنوز حكائية، أعني أنها لن تتجاوز حدود الكلمات.
وبالتالي، فإن ما تمنحه الحكايات من كنوز ومكافآت وجوائز لن يتعدى الحكايات نفسه. فالحكاية هي ذاتها الكنز الذي تعد به".

تعاضد منهج التأويل عند الغانمي مع التفكيكية والحفر المعرفي لإجلاء المعاني في سياقاتها وأنساقها ومقاصدها الكامنة، "فكلما تعددت القراءات والتأويلات تعددت النصوص".

حوى الكتاب قراءات في سبع حكايات عربية "بلا مؤلفين"، أي أنها تندرج إلى حدّ كبير بالسرد الإخباري الشعبي، والحكايات هي: "حجر سنمار، الحكاية اللانهائية"، و"حكايات امرئ القيس، البحث عن أوديب عربي"، و"حكايات حاسب كريم الدين، بلوقيا والسرد والخلود"، و"صندوق وضاح اليمن، الحكاية المجرمة"، و"سلامة والقس، ترويض الحواس"، و"أبو حيان الموسوس والماء، الحكاية المجنونة"، و"الرؤيا والكنز والتعبير، حكاية الحالمين".

يلمس المرء في تأويل الغانمي حفراً معرفياً في مجالات تحليل متعددة: التحليل النفسي، التحليل المقارن للعناصر الإناسية، التحليل بالاستعانة/ اللغة والمعاني والدلالية والرموز والتعارض الحكائي والتناص مما هو سمات للمنهج التفكيكي على نحو ما، وهذا ما فعله في تأويله لحكايات امرئ القيس على سبيل المثال، استعادة للمرويات الإسلامية والإسرائيلية والأسطورية، واستمد الغانمي بعض التأويلات من مستندات بروب وغريماس النقدية، على أن الشكلانية والتفكيكية تحوي المدلولات والمعاني كلما أمعن النقد في قراءة النص التراثي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال