هيئة القصّ عند يمنى العيد.. تحوّل دراسة القصة إلى دراسة كاتبها وعدم المماثلة بين الكاتب وشخصياته الروائية

أما (هيئة القصّ) فتبين يمنى العيد الراوي، وما يرويه، وعلاقته بمن يروي عنهم.

وهو بحث يتجاوز موقفاً كان يرى أن القصة التي يكتبها الكاتب هي تعبير عنه، وبذلك كانت تتحوّل دراسة القصة إلى دراسة كاتبها، فيُهمل البحث في الشخصيات، من حيث استقلالها وتمايزها.

ولكن مع تطور الكتابة الروائية والنظرة النقدية ظهر ميل إلى وضع الكاتب خارج نصّه، وبالتالي عدم المماثلة بين الكاتب وشخصياته الروائية.
فالقص ليس بالضرورة قصاً عن الذات، أو تعبيراً عن الكاتب.
وعلى هذا فإن الكاتب لا يمثّل أيَّاً من أشخاص قصه أو على الأقل لا يمثل تماماً أيَّاً من أشخاص روايته.

ومع جويس وسارتر أصبح الراوي يكتفي برواية ما يشاهده أشخاص الرواية.
وهكذا برز مفهوم (الراوي/الشاهد) الذي يعتبر آلان روب غرييه من أبرز الروائيين الممارسين له.

واليوم تميّز النظريات الحديثة بين الراوي والكاتب. فـ(الراوي) وسيلة أو أداة تقنية يستخدمها الكاتب ليكشف بها عالم قصّه، أو ليبثّ القصة التي يروي.

و(الكاتب) يختبئ خلف الراوي، ويحيّد نفسه، فيتقدم إلى القارئ كمجرد ناقل للمروي، وعلى هذا تسقط مسؤولية الأديب، وتنتقل الكتابة إلى موقع اللامسؤولية، فتتحدّد في كونها (شهادة) على زمنها وواقعها الثقافي فحسب.

لكن الكتّاب تفننوا في استخدام مفهوم (الراوي). وارتبط هذا التفنن بعلاقتهم بما يروون.
فجاءت كيفية ما يروون دلالة على رؤيتهم سياق السرد.

ولجأوا إلى تنويع الراوي في العمل الروائي الواحد، وفق ما يقتضيه سياق السرد، كأن يترك الراوي الذي يروي بضمير (الأنا) مكانه، في مفصل من مفاصل الرواية للراوي (الشاهد) الذي ينقل ما يقع عليه نظره فقط.

كما تستعين الباحثة بجينيت (أشكال 3) الذي حدّد أنواع الرواة في اثنين:

1- راوٍ يحلل الأحداث من الداخل، وهو نوعان: البطل يروي قصته بضمير (الأنا) فهو راوٍ حاضر.
وكاتب يعرف كل شيء فهو راوٍ كليّ المعرفة على الرغم من أنه راوٍ غير حاضر.

2- راوٍ يراقب الأحداث من خارج. وهو أيضاً نوعان: راوٍ مشاهد فهو حاضر ولكنه لا يتدخل.
وكاتب يروي ولا يحلل، فهو غير حاضر، ولكنه لا يسقط المسافة بينه وبين الأحداث.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال