الجمهور ووسائل الاتصال وثقافة الصورة.. الانفصام الثقافي وتقاسم أشكال الانتاج الفكري والفنّي وفضاءات التثقيف والترفيه والترويح

ماذا تفعل وسائل الاتصال بالثقافة؟
وماذا تفعل ثقافة الصورة بوسائل الاتصال من خلال ثورة الاتصال وتأثيرها على المضامين الثقافية؟

أحدثت ثقافة الصورة الاتصالية هزات ثقافية، ويمكن القول حينئذ العلاقة بينهما قديم قِدمَ التحوّلات التي شهدتها تطور الجمهو ر من خلال( الميديا) عبر وسائط الاتصال.

إن الجمهو ينثقف  بثقافة الشعبية من خلال هذه الصور مما يقوده  الى مستوى من مستويات الانفصام الثقافي، بعيدا عن  المنظور التربوي والنفسي والاجتماعي.

والمطلوب التغيير في طبيعة علاقة هذه الأخيرة بوسائل الاتصال، باعتبارهم مدعوين الى تعزيز فرق الانتاج والتجديد والابتكار داخل مؤسسات الاعلام التي تخوض حاليا حرب البقاء وكسب معركة المنافسة التي يفترضها الاعلام المُعَوْلَمُ.

لا من حيث اعتبار الجمهور0( x ) المحدد بانه حصتهم النهائية بل باعتبار انه الجمهور الافتراضي الذي سعملون على تربية الأفراد وتنمية قدراتهم ومداركهم ومعارفهم، كما يلعب دورا في ديناميكية المجتمع لأنه يمكن ان يكون مؤشر تقدّم أو تقهقر اجتماعي، هو جملة التفاعلات الناطقة والصامتة على حدّ السواء بيننا وبين أشياء محيطنا.

فالهاتف الذي لا يرنّ له قيمة تواصلية شأنه شأن النبتة والصخرة والنور وما الى ذلك، من الأشياء التي تنخرط في سياق ثقافي، وكذلك التلفاز المستقبل والمرسل (ذوي القابلوين) وهوالمستخدم في التسوق  من خلال البيت والأسواق الكبرى العالمية وهي تمثل مقوّمات ثقافة مجتمع ما.

فالثقافة التصويرية بدأت تأخذ مجالها في السياق العام داخل المجتمعات العربية وهو ما يعني ان التواصل ينخرط في جملة القيم التي تنتجها الثقافة، ويصبح بالتالي الفصل بين الثقافة والاتصال فصلا واهما  وقد انتشرت ثقافة الصور المتداولة في هذه الفضاءات مثل دور الثقافة ومكاتب الانترنيت والاندية ودور الشباب والمقاهي والمخيمات والرحلات والفنادق الجامعات وحتى في البيوت  وغيرها.

إن الحديث عن الثورة الاتصالية كثيرا ما يقود الى الحديث عن الانعكاسات السلبية لهذه الثورة، وكثيرا ما ننسى أن هذه الثورة قد شجعت القطاعات الثقافية على النموّ بما قلّص من المسافات بين الشعوب والمجموعات وعلى تقاسم أشكال الانتاج الفكري والفنّي وفضاءات التثقيف والترفيه والترويح خصوصا بفضل ما أدّت إليه التحوّلات العميقة في مفهوم العمل والأنشطة الملزمة، واتجاهات الترفيه وعلاقتها بثقافة الصورة وذلك من منظور تربوي ونفسي واجتماعي. بالدور الذي يلعبه الترفيه في تربية الأفراد وتنمية قدراتهم ومداركهم ومعارفهم، كما يلعب دورا في ديناميكية المجتمع لأنه يمكن ان يكون مؤشر تقدّم أو تقهقر اجتماعي.

كما أن الترفيه يعدّ عاملا مساعدًا على تمثل مقوّمات ثقافة مجتمع ما، وقد ساعدت الثورة الاتصالية على تطوير مسالك الترفيه وسهولة تواصل الثقافات، وتقاسم الأفكار والقيم والمواقف وأشكال السلوك. ويعدّ الانترنيت، في العديد من الدول، المجال الأوّل للترفيه خاصة بالنسبة للشباب.

مرجعيتها الثقافية هي الصورة باستقبالها أو إنتاجها مما يخلق تحولات جذرية في بنية العقل لدى الأجيال القادمة، وتنطبق هذه الحالة على جميع الثقافات الكونية، فلسنا وحدنا من سوف تقع عليه هذه التحولات، فالمجتمعات جميعها في مرحلة ثقافة الصورة هي الغازية والمغزوة في اللحظة ذاتها.

 حين تخترق لقطة من مسلسل حجب المسكوت عنه في المجتمع المغلق تقوم قيامة كثير من المنغلقين كونه مسلسلاً اعتمد على الصورة المركزة وجب أن يحرص  الآباء على مراقبة أبنائهم وحرصهم على تخصيص أوقاتهم الحرّة للدراسة أيضا، لأن برامج البث التلفزيزني الغربية آسرت قبضة التلفزيون على الشباب، وأصبح المشاهد المذهول أو المشاهد المتنبه الذي يَفصِلُ فيه جهازُ التلفزيون عن أي شيء اخرفي محيطه.. والعمل على تحصين الشباب من ثقافة الصورة الوافدة بكل اشكالها، في كثير من الدول  عشرات الخبراء في علم النفس يعملون بالتنسيق مع برامج التلفزيون والتربية.

وهذه الخاصية للأسف مسفهة لدى كثير من المسؤولين على البث الفضائي العربي الرسمي خاصة وفي هذه المقاهي يتمّ تداول ثقافات مغايرة تتصل بواقع الثورة الاتصالية التي ألغتْ عُنْصُرَيْ الزمان والمكان وخلقت أشكالا جديدة من التفاعل الثقافي.

وكان من جملة النقاشات التي أثيرت حول هذه المداخلة عدم تطرّقها الى واقع ارتياد المرأة للمقهى كمؤشّر لتحرّرها، وظهور أصناف عديدة من المقاهي لفئات جديدة، ولمستويات معيشيّة مختلفة، ودراسة المقهى كفضاء للتبادل الرمزي والعاطفي وكفضاء للهروب من أعباء الأسرة والتزاماتها الخ..
أحدث أقدم

نموذج الاتصال