نسيم الصبا.. حرية التأويل للكشف عن مستوى أكثر عمقًا للصوت السردي وإبراز فضل مهنة الكتابة ودور الكُتاّب البارز في المجتمع

يُعد كتاب "نسيم الصبا" من أهم الكتب التي تركها ابن حبيب الحلبي، ويتكوّن الكتاب من ثلاثين فصلاً في موضوعات متعددة ينتظمها خيط الوصف.

حيث تتناول بعض الفصول مفردات الطبيعة مثل الفصل الأول "في السماء وزينتها"، والفصل الثاني "في الشمس والقمر"، والفصل الثالث "في السحاب والمطر".

وتتّخذ بعض الفصول عالم الحيوان والطيور موضوعًا لها كالفصل الثامن عشر "في الخيل والإبل"، والفصل التاسع عشر "في الوحش"، والفصل العشرين "في الطيور".

ويهتم الفصلان العاشر "في وصف الغلام"، والحادي عشر "في وصف الجارية" بالجمال البشري.

أما الأخلاق الاجتماعية والعلاقات الإنسانية فقد خُصصت لها بعض الفصول، كالفصل الرابع والعشرين "في الكرم والشجاعة"، والفصل الخامس والعشرين "في العدل والإحسان"، والفصل الرابع عشر "في الفراق"، والفصل الخامس عشر "في الاستعطاف"، والفصل السادس والعشرين "في الشكر والثناء"، والفصل السابع والعشرين "في الهناء"...

وانشغل الفصل الحادي والعشرين "في الكتابة" بالحديث عن فضل مهنة الكتابة ودور الكُتاّب البارز في المجتمع.

ويتخذ ابن حبيب من تجاربه الماضية مدخلاً للخوض في هذه الموضوعات المتشعبة.

فكل فصل في كتاب "نسيم الصبا" يمثل حدثًا واقعيًا أو متخيلاً تعرَّض له المؤلف وأثَّر فيه واكتسب من خلاله خبرة إنسانية ومعرفية أراد إثباتها لكي يفيد منها غيرُه.

وهو يعبر عن هذا كله بأسلوب جميل طلي يعكس حسه المرهف أمام الجمال، وبخاصة جمال الطبيعة من سماء وأنهار وأشجار وثمار، وجمال الإنسان وبديع خلقه.

وقد ضمّن ابن حبيب الحلبي كتابه عددًا كبيرًا من الشواهد الشعرية له ولغيره من الشعراء. 

وقد حظي كتاب "نسيم الصبا" بشهرة كبيرة منذ عصر مؤلفه إلى يومنا هذا، وقرّظه عدد من الأدباء والعلماء من أمثال الصفدي (ت754هـ)، وتاج الدين السبكي (ت771هـ)، وشمس الدين بن جابر (ت780هـ).

كما ألّف على منواله الشهاب الكوكباني (ت1151هـ) كتاب "عطر نسيم الصبا" في ثلاثين فصلاً أيضًا.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال