القص والتقمص.. القدرة على محاكاة شخص في سلوكه الحركي والصوتي وهيئته وطرائقه في التعبير عن نفسه

قدم لنا منتصر القفاش عن طريق صناعة الأزياء مفهوم "القص" ورأينا العلاقة بينه وبين مفهوم "السرد".
ومن حقل الأزياء أيضا نجد كلمة "القميص" تقيم رابطا بين القص والتقمص.

إن التقمص يعني القدرة على محاكاة شخص في سلوكه الحركي والصوتي وهيئته وطرائقه في التعبير عن نفسه.

إن "التقمص" هو ارتداء "قميص" الآخر والقدرة على وضع الذات فيه لكي تؤدي دور صاحب القميص الذي يجب ألا يظهر أمام الآخرين واسعا أو ضيقا.. طويلا أو قصيرا..

إن ذكاء القائم بالتقمص يتمثل في قدرته على إحكام صياغة ذاته في "قميص" الآخر.
السارد يفعل ذلك أيضا فهو يقوم بالتقمص حينما يعبر عن شخصيات مختلفة في النص القصصي.

فالسارد من هذه الناحية مؤلف ومخرج وممثل داخل القصة، ولكنه يقوم بفعل آخر يمكن أن نقول عنه "التقمص المعكوس".

فهو يضع نفسه في شخصيات أخرى ويتحدث من خلالها ونحن لا نعرف إن كان ينقل لنا ذاته التي وزعها عبر الشخصيات أو التقط شخصياته تلك من الفضاء الاجتماعي المحيط به أو من التراث الإنساني أو ابتكرها ابتكارا.

وهذا ما يقيم ربطا لا يمكن أن ينقطع بين القصة والمسرحية لأن الدراما تجمع بينهما والتقمص الذي يؤديه الراوي في القصة يقوم الممثلون في المسرح بمعايشته أمام الجمهور..

وفي أدبنا القصصي القديم ارتدى السارد قميص كل فصل من فصول السنة ليقدم في بنية مسرحية رؤية رباعية للنماذج البشرية.. ونسيم الصبا لابن حبيب الحلبي يعد نموذجا لهذا التشخيص.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال