نظرية الأنواع الأدبية وتمرد النص على التجنيس وتحويله إلى قيم جمالية مميزة تمارس عملية التموضع داخل الجنس/ النوع

إن التحديدات والآراء حول النوع الأدبي تبين تعدد آراء النقاد وتضارب مفاهيمهم جعل إمكانية ضبطه ضربا من المحال إلى الحد الذي بقيت (المصطلحات والعناصر التي يتكون منها والمستخدمة في نظرية النوع تشير إلى خلاف حول مفهوم النوع نفسه.

وإن مصطلحات من قبيل نوع Genre، وصيغة Mode, ونمط Type، وصنف Class تشير إلى سمات نوعية متباينة يتكون منها مفهوم النوع الأدبي وكلها يمكن أن تستخدم على نحو يجعل منها مصطلحات مترادفة أحيانا ومتباينة أحيانا أخرى).

وقادت هذه الاختلافات كتابا اختصوا في النظرية الأدبية ومنهم جيرار جينيت إلى الحيرة والتردد، فبينما توقع جينيت أن اختياره مصطلح Mode لجميع القضايا المتعلقة بمختلف طرائق (تنظيم الخبر السردي) اختيارا موفقا ومشروعا، يكشف فيما بعد ضرره الحقيقي عندما ألح عليه التعارض المنيع من الحكاية والتمثيل المسرحي اللذين لا يمكن الدلالة عليهما إلا بأنهما التمثيل اللفظي الأساسيان.

وتكمن هذه الحيرة في اللغة الوحيدة (الفرنسية) أو التي تدل على مفهومين متمايزين ومتدامجين، فتأتي Mode بمعنى صيغة في كتاب (خطاب الحكاية) ومعنى نمط، في كتاب (مدخل لجامع النص).

ويصف جينيت تداخل النوع بالصيغة في مقال له تحت عنوان (الأنواع، الأنماط، الصيغ) المنشور في مجلة الشعرية نوفمبر 1977، بأنه ليس تداخلا بسيطا كما كان يتوقع أرسطو فالمأساة مثلا (نوع) يتداخل في الوقت نفسه مع (الصيغة الدرامية) و(الموضوع السامي) وتلتقي نظرية أرسطو والنظريات الرومانسية والحداثية بصفة عامة في إطار من التداخلات ذات الاتجاه الواحد.

فالآثار الأدبية تدخل في الأنواع والأنواع في الأجناس، فيما يفترض نظام أرسطو ضمنيا وجود جدوى المزدوج المدخل على الأقل، وينتسب فيه كل جنس في آن واحد إلى صنف (صيغي) وصنف (موضوعي).

فالمأساة مثلا محددة بأنها نوع من الإنتاج الأدبي ذي الموضوع النبيل الذي نمثله على المسرح.
وتحدد الملحمة بأنها فعل بطولي مروي وسرد لفعل بطولي.
وبالتالي فلا وجود لأي علاقة تربط بين الأصناف الصيغية والموضوعية.

فالصيغة لا تحتوي الموضوع ولا تشترطه)، وفي التفريق بين الصيغة والنوع يؤكد جينيت (إن لكل منهما وضعية تختلف عن الثانية اختلافا جذريا وبالتالي فإن النوع الأدبي كان يحدده بصفة أساسية تخصص في مضمونه ولا يوجد ما ينص على ذلك التخصص في تحديد الصيغة التي ينتمي النوع إليها).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال