الأمثال والحكم والتوقيعات.. التمثيل الحكائي اقل تجريدا منها وأكثر تخصصا وهو في أكثر الأحيان ذو بعد حسي

يعد المثل من أهم الأنواع السردية التي يمنحها شكلها فاعليتها حسب قوانينها الداخلية ويحركها في سياق ثقافي اجتماعي معين, ولا تتجدد العلاقة بين المثل والقصة القصيرة جدا في صيغة المثل ذاته بل في قصة المثل أي التمثيل الحكائي الذي ينبني عليه الإيجاز البالغ([1]).

ويختلف عن الحكمة في كونه (اقل تجريدا منها وأكثر تخصصا وهو في أكثر الأحيان ذو بعد حسي)([2]) وتملك خاصية يعدها عبدالفتاح كيليطو غاية الغاية وهي (أن الغاية من المثل الحكمة)([3]).

فإذا كانت إحدى توصيفاته تتحدد بـ(إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه)([4]) حسبما جاء في العمدة لابن رشيق القيرواني فإن اقتراب القصة القصيرة جدا منه يماثل اقترابها من الحكم والتوقيعات أيضا لأنه (يعتمد الشخصية ركناً، وينطوي على السرد والوصف والحوار، و فضاء الحدث بدرجات تتناسب مع نظر عصور إنتاجه، إذ هو يعمل على تنظيم عناصره تنظيماً لا يشذّ عن وعي الثقافة العربيّة للقص عموماً)([5]) كما في قصة (مغنّي)([6]) للقاص منتصر الغضنفري:
(بعد أن أنهى وصلته الغنائية وأطرب الناس.. صفقوا له كثيرا.. حملوه على الاكتاف, جابوا به الشوارع, فلقد تغنى بآلامهم وآمالهم, عبر عن معاناتهم. 
...... خلا الى شياطينه واقتسم معهم أرباحه).

([1]) سرد الأمثال: 25.
([2]) الأمثال العربية في العصر الجاهلي، د. محمد توفيق أبو علي: 49.
([3]) دراسات في القصة العربية، وقائع ندوة مكناس: 184.
4)العمدة، ابن رشيق القيرواني, محيي الدين عبد الحميد:280.
([5]) الفضاء الروائي عند جبرا ابراهيم جبرا: 271..
([6]) نفثات: 52. ويقول القاص في تنويه له (خالفت ما تقتضيه اللغة في كتابة العنوان، لأنه على هذه الصيغة أدل على ما أريد).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال