واقع المصطلح النقدي.. تكّون الخطاب الأدبي في دلاليته وتداوليته من مراعاة السياقية والنسقية إلى مراعاة التأويل والتلقي

    ارتبط المصطلح النقدي بحالتيه النظرية والتطبيقية، وقيس بالمنظور الفكري وسبل منهجيته، وأظهر النقد فوضى التطبيق للمصطلح السردي دون إحكام وعي نظريته وعلمه، فالسرد يشمل أنواع القصّ كلّها من الحكاية والأشكال الموروثة الكثيرة كالمسامرة، والليلة، والنادرة، والطرفة..الخ، إلى القصة والقصة المتوسطة (النوفيلا) والرواية..الخ، ونلاحظ أن نقاداً وباحثين رهنوا المصطلح السردي بالقطيعة المعرفية مع تاريخه ولغته العربية استسلاماً للترجمة والتعريب، وعندما استعيرت مصطلحات علم السرد لتحليل النصوص الروائية العربية، استنكروا استعمالها النقدي، كما هي الحال عند علي نجيب إبراهيم )سورية) كقوله: «ضمير السرد، ووجهات النظر السردية، وصوت الراوي (التبئير)، والمقامات السردية... الخ. وبعد حين، ومع توالي الترجمات، نضطر إلى تغيير المصطلحات تبعاً للتغيير الحاصل في مصدرها، ونغيرها على هوى ما نعتقد أنه الأجدى من دون أي تنسيق، وتكون النتيجة فوضى مصطلحات تؤرث أزمات النقد الروائي. فمصطلح "القص" Recit ينقلب إلى "الحكي" و"المحكي"، و"البنية السردية" La Structure narrative إلى "البنية الحكائية". وبالتالي تنقلب "السرديات" إلى "الحكائيات.
غير أن الاعتماد المطلق على التعريب وحده يضعف المصطلح ووظيفته، ولا يكفي التمييز بين اللغة بوصفها نظاماً إشارياً، واللغة بوصفها وسيلة اتصال ما لم يرتهن هذا التمييز بطبيعة هذا المصطلح وخصوصيته، ولا يبدو مثل هذا الرأي مجدياً دون العناية بخصائصه الثقافية واللغوية العربية، لأن المصطلح السردي مرهون بعناصر التمثيل الثقافي التي تؤثر عميقاً في الدلالية والتداولية، أي وظيفية اللغة ولاسيما الفعلية، لأن المصطلح السردي شديد التشابك مع الدلالية والتداولية.
«فالمعنى في اللغة بوصفها كلاًّ ـ عند بنفست ـ هو نظام نسقي، أمّا المعنى في الكلام أو التعبير الخاص، فسياقي. وبمصطلحات التمييز الأولي في الدراسات السيميائية، فإنَّ المعنى في اللغة بوصفها نظاماً إشارياً، هو دلالي، أمّا المعنى في الجملة المفردة، فيتغير بتغير المعنى النحوي (التركيبي). أي أن أشكال المعنى الأخرى في الكلام أو الخطاب، تتزيّا بزيّ التداولية (pragmatics)، أي العلاقة بين المتكلمين وسياق خطابهم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال