يرى جون ديوى ان التربية هى العملية التى يصير بها الانسان انسانا فالانسان بدا مغمورا فى الطبيعة اذ لم تزوده الطبيعة الا بالغرائز و الشهوات الجامحة فيميل الافراد بطبيعتهم الى حب الملكية و السيطرة و التحكم اباحة العلاقات الجنسية... دون تقيد بقيم اخلاقية الى ان ظهرت الديانات السماوية و سعى الانبياء و الرسل الى تربية الناس على القيم الاخلاقية و تحريم القتل او افتكاك املاك الغير اوالاعتداء بالفاحشة او الزنا... وتاطير العلاقات الاجتماعية وفق قيم اخلاقية كالعلاقة الجنسية فى اطار الزواج وغض البصر وعدم النظر الى عورات النساء وحث الافراد على تفضيل القيم الفاضلة فى علاقاتهم كعدم الغش او السرقة والتحايل و تفضيل التسامح و اعتبار العدو صديقا حميما...
ولا يلقى هذه الخصال الا الصابرون على تحمل الاذى و دفع الاساءة بالتى هى أحسن... لأن الانسان بطبعه خطاء و لا سبيل للتواصل مع المجتمع الا بالتاقلم مع هذه الاخطاء و محاولة اصلاحها بالكلمة و الموعظة الحسنة وليس برد الفعل العنيف او القطيعة مع المجتمع.
و ما يميز الحياة الانسانية ان الانسان حر فى تحديد ميولاته اما ان يتحكم فى غرائزه البهيمية و الحيوانية اوان يتركها هى تتحكم فيه فيصبح عبدا ذليلا لشهواته الامحدودة و الامتناهية...
ولا يكتسب الانسان حريته الا من خلال تحكيم العقل و الاخلاق و لا تتم هذه الجهود الا بالتربية المتواصلة ضمن الاسرة و المدرسة والمحيط ولعل النظرة القاصرة لبعض الاولياء هى فهم التربية على انها العمل على تحقيق النجاح فى الحياة بينما الهدف الاسمى للتربية هو السعى لايصال البشرية الى افضل ما يمكن ان تصل اليه من قيم فاضلة تحرر الانسان من شهواته و تجعله حرا قادرا على الانجاز و الفعل فى التاريخ و الحضارة.
إن التربية لا تتجه الى الفرد بصفته ذاتا مستقلة تحتاج الى العناية الخاصة من ناحية تنمية قدراته العقلية او الوجدانية او الجسمية ولكن التربية اسمى من ذلك فهى لا يمكن ان تنكر حاجة هذا الفرد الى الاندماج و التواصل مع بيئته و مجتمعه الذى لا يستطيع ان يعيش بدونه...
فالتربية مطالبة بان تغرس فى العقول و الانفس و الابدان واجب تسخير كل قدراتهم لصالح خير المجتمع و الانسانية باسرها...
فالإنسان لا يمكن ان يعيش لنفسه فقط بل يجب ان يحيا من اجل الآخرين ايضا و تلك هى ابرز اهداف التربية التى عمل عليها الانبياء و الرسل ثم واصل فيها العلماء و المربون المخلصون بعد ذلك.
و جوهر القول ان التربية هى عملية اجتماعية او لا تكون... و لا يتم ذلك الا باشتراك الافراد فى خدمة مصالح الجماعة و فى ذلك قمة السعادة و اللذة الروحية و النفسية و جوهر التربية ايضا ان يتبادل الافراد المعارف و المنافع والتجارب و الخبرات لتستمر الحياة و ان لا تنغلق الحضارة على نفسها بدعوى الحفاظ على اسباب تقدمها و تفوقها و الا فانها قد تكون قد حكمت على نفسها بالاعدام و تموت و تندثر و لا تجد من يجددها و ينقلها الى الاجيال القادمة وهذا هو شان الحضارة الغربية الآن...
التسميات
التربية