ان التربية الجيدة تعرف من خلال اهدافها المحددة و لعل اهم هذه الاهداف الاشتراك فى خدمة المجتمع فلا يعد شد الحبل مع الآخرين عملا مشتركا الا اذا كان مستندا على معرفة مسبقة بانهم يشدونه و انك تشده عونا لهم و اذا تدبر كل فرد نتائج عمله من خلال تاثيرها فى اعمال غيره عندها سيكون السلوك نتيجة عقلية مشتركة و قصد مشترك و عندها يتولد التفاهم فى مختلف الاعمال …
ان الطفل الجائع اذا صاح و الطعام بصدد التحضير فانه لم يدرك الصلة بين حالته و ما تعده الام من طعام فى المطبخ مما يجعله يمعن فى الصياح كلما الح عليه الجوع… و لكن اذا اتضحت الصلة بين حالة الجوع و تحضير الطعام له فانه سيهتم بما يفعله الآخرون من اجله و راقب عملهم فلن يستجيب لالم الجوع بل سيهتم بما تقوم به الام لشفاء جوعه و بالتالي لن يستسلم للالم لانه اصبح له غرض و هدف ينتظر تحقيقه … فيتحول سلوك الطفل الى موقف رشيد و رصين فالاطفال يوجهون اهتمامهم كله الى الاهداف التى تلبى حاجياتهم الاساسية فلا ينشغلون بغيرها و بناء عليه ينبغى تحديد اهداف اجتماعية ترتبط بحاجات الاطفال فى اعداد الدروس ليكون اهتمامهم مركزا عليها لانها تلبى رغبات ملحة لديهم مثل طرح وضعيات تمثل مشكلا و مصدر حيرة لدى الاطفال ليقع التوصل الى حلول مشتركة يتفق عليها كامل القسم بعد التشاور فيها…
و العقل ليس مجرد وعاء يتقبل كل ما يوضع فيه بل هو طريقة للسيطرة على المحيط الاجتماعى فهو قوة تمكن من فهم الاشياء عبراستعمالها فى اوضاع مشتركة… فالطفل الصغير لا يقلد ابويه بالغريزة بل انه يعتمد على عقله فى نقل اعمالهم و اتخاذها نماذج فى سلوكه لانه يدرك ان اعمال ابويه لها منفعة مشتركة عليه بما يكنه الابوان من عطف و حنان عليه فيولد ثقة و رغبة فى تقليدهم و الاخذ عنهم بكل وعى و ادراك وهو عكس الحيوان الذى يقلد بالغريزة دون وعى منه.
ان الطفل حين يعيد الكرة لمن رماها له ليس تقليدا بل هو سلوك واع لان الطفل يملكه شوق خاص الى اللعب و الرغبة فى استمراره فيلاحظ كيفية امساك الكرة و القبض عليها فيدخل تحسينات على حركاته ليتقن امساك الكرة … فيقلد وسيلة العمل و ليس الغاية و لا الشىء الذى يعمله و تقليد الوسيلة غايته ايصال فكرة انه يشترك فى اللعب فعلا و الطفل شديد الاتصال بمحيطه الاجتماعى لذلك فانه يكتسب منه كل ما يحتاجه من سلوكيات تتلاءم مع واقعه … فغريزة التقليد تنمى الوعى لدى الاطفال اذا اهتمت بتقليد الوسائل لانها تمكن الطفل من امتلاك دقة الملاحظة و تطوير اعماله التى سبق ان قام بمحاولة تنفيذها …وبذلك تصبح للطفل ارادة و شخصية قائمة بذاتها تنمو باستقلالية عن المحيطين به دون ان تنفصل عن محيطها.
التسميات
حاجات طفولية