المقاربة النقدية (الراديكالية والصراعية) لسوسيولوجيا التربية.. المدرسة لا تنتقي من هو أكثر قدرة وإنتاجية وذكاء، وإنما من هو أكثر مطابقة ومسايرة لتمثلات وتوقعات معينة

تضم هذه المدرسة مختلف التيارات النقدية الراديكالية (في مقابل المحافظة) التي عملت على نقد الواقع والمعارف الاجتماعية القائمة، من أجل مجتمع أكثر عدلا ورقيا، ومن اجل محاربة الاستلاب الإيديولوجي والمعرفي.

وكرائدة لهذا التيار، اشتهرت مدرسة فرانكفورت،وهي تضم مجموعة من المثقفين اليساريين ذوي النزعة الماركسية الجديدة،وبدأت نشاطها في أوائل الثلاثينيات من القرن 20،" كنظرية نقدية للمجتمع"، بحيث عمل أعضاؤها على الاهتمام بفحص أشكال الحياة الاجتماعية ونقدها،والبحث في أصولها وجذورها، والمصالح التي تعبر عنها، والمعارف التي ترتبط بها، والمشكلات التي تنشأ فيها، والأزمات التي تعاني منها.

كما حرصوا على كشف ماهو فاسد في الواقع السائد، والعمل على تغييره، ورفض القيم التقليدية البالية والمعايير الاجتماعية الجامدة، والسعي إلى تجاوزها واستبدالها بقيم ومعايير أخرى أصلح للتغيير.

وكانت الرسالة الأساسية لمدرسة فرانكفورت هي مواجهة كافة التنظيرات التي تنكر أو تغفل ذاتية الإنسان ووعيه وفعاليته.

كما نجد بأن هناك من صنف هذه التيارات النقدية في فئة المقاربات الصراعية، التي تعتقد بان المدرسة لا تنتقي من هو أكثر قدرة وإنتاجية وذكاء، وإنما من هو أكثر مطابقة ومسايرة لتمثلات وتوقعات الفئة التي تمتلك سلطة وضبط النظام التعليمي، للمحافظة او الزيادة في امتيازاتها وسلطتها داخل المجتمع. (سلسلة التكوين التربوي، عدد3).

وعليه فإن المدرسة تستعمل كأداة للصراع الطبقي والسياسي والاجتماعي، وقد عمل أصحاب التيار النقدي أو الصراعي على تحليل وتوضيح هذا الصراع وآلياته السوسيوتربوية.

وقد تم توجيه الاهتمام من خلال النظريات التربوية النقدية نحو ربط المعرفة التربوية بالمصالح الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأن المعرفة التي تقدم للمتعلمين بالمدارس إما أن تكون معرفة تبريرية، تسعى للدفاع عن مصالح معينة،وتبرير أوضاع سياسية محددة، أو معرفة تحريرية تكشف الأوضاع الفاسدة والأفكار الزائفة، وتحرير الإنسان من القهر التربوي والسياسي، والاستغلال الاجتماعي عامة.

كما تم طرح الأسئلة حول إنتاج المعرفة وشرعيتها وتوزيعها وتقويمها داخل المدرسة،ونوع المصالح التي تدافع عنها، والفئات التي ترتبط بها خارج المدرسة، وشكل العلاقات والمبادئ التي تأكدها،والسياسات التي تحكمها، والمؤسسات التي تتحكم فيها في إطار ثقافة ومجتمع معيين. (انظر أطروحات بعض ممثلي هذا التيار، كـ "كارنوي" و بورديو وبرنستين... في موضوع: سوسيولوجيا المعرفة التربوية، في هذا العدد.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال