مفهوم المقومات: الخصائص والأنماط.. المقومات تمثيلات ذهنية تتمثل في شكل وحدات للمحتوى

مفهوم المقومات:

يعالج علم دلالة المقومات وحدات المحتوى ذات البعد الأدنى من محتوى المورفيم.
وبالرغم من الانتشار الواسع لهذه النظرية بين اتجاهات تحليل الخطاب والشعرية والبيداغوجيا والذكاء الاصطناعي والاتجاهات المعجمية، فإن الاختلافات حول بعض التفريعات النظرية أمر وارد بينها.
ومع ذلك، يمكن الانطلاق من وحدة الأهداف والأسس التي تنتظم هذه الاتجاهات بوجه عام.
وهكذا، نميز في البدء، بين "مقوم" (Sème) باعتباره خاصة لصيقة بمستوى المدلول، و"سمة صوتية" (Phème) التي ترتبط بالدال، وهما يشكلان الوحدات الدنيا لكل من المستويين[1].

التشاكلات:

ولذلك، سنوظف المصطلح الأول بالنسبة للتشاكلات الدلالية والمعجمية والتركيبية، وكذلك بالنسبة لتفاعل الصوت والدلالة، لكننا نوظف المصطلح الثاني بالنسبة للتشاكل الصوتي؛ وخاصة فيما يتعلق بتشاكل السمات؛ كالتشاكل في سمة الهمس أو الشدة..... إلخ.
إن المقومات تمثيلات ذهنية تتمثل في شكل وحدات للمحتوى.
ذلك أن المقوم م واحد من العناصر المكونة للوحدة المعجمية التي يمكن أن تتوفر على أكثر من مقوم: م1، م2، م3... وهذا يعني كذلك، أن الوحدة المعجمية (Lexème) تعتبر نقطة الالتقاء بين مختلف المقومات الناتجة عن مقولات وأنساق مقومية متنوعة، بل إنها تمثل موضع الالتقاء التاريخي، حيث تغتني عبر التاريخ بمقومات جديدة.

المقومات الجوهرية:

وإذا كنا قد ربطنا آنفا المقومات بالأطر المعرفية، فإن تحديدها يرتبط بالسياق اللغوي والتداولي والمعرفي، بالمعنى الذي يجعل التفسير والتأويل الدلاليين مرهونين بالنسق الوظيفي للغة، وبالمعايير الذاتية والاجتماعية التي تنتظم الشروط المعرفية والتداولية.
كما أن ترجمة التحديد يتم بواسطة وحدات معجمية، إذ لا بد من صياغة المقوم بقدر وافر من كلمات اللغة الطبيعية التي نحتاجها لإبراز الخاصية المميزة (المقوم).
ومثال ذلك، تحديد المقوم: [+ القتل العمد] بالنسبة للوحدة المعجمية: قتل، في سياق الجملة (15).
-15 قتل زيد عدوه في الحرب
وإذا كان تحديد المقومات الجوهرية يعتمد تعيين المقومات الملازمة للوحدة المعجمية انطلاقا من دخل المعجم أولا (مثل تحديد المقوم الجوهري [+طبيعة] بالنسبة للوحدة أشجار)، فإن تحديد المقومات العرضية_الإيحائية وتأويلها يشكلان أهمية بالغة بالنسبة للمشتغلين على تحليل الخطاب.

المقومات المضمرة:

ومن ثم، تعتبر المقومات المضمرة أو العرضية عناصر مدمجة في الوحدة الدلالية. وبذلك، يصبح كل عنصر خفي كامنا في الذاكرة الاستدعائية للمتكلم؛ أي أنه يمثل الجزء الإيحائي لتلك الوحدة الدلالية.
وعليه، قد تكون المكونات الإيحائية، عناصر مميزة في السياق شأنها في ذلك، شأن المقومات الجوهرية. لنأخذ على سبيل المثال تساؤلات الشاعر عبد الله راجع التالية:
_16 ما الفارق بين الكورنيش وقيسارية الحي؟
ما الفارق بين النافورة والكدية أو سوسيكا؟
ما الفارق بين حياة ريجنسي وبراريك القصدير؟
غير الأحلام المنزوعة منكم كي تتوسع دائرة الطبقات.  
إن المقوم [+ أحلام مغتصبة]، باعتباره مقوما عرضيا، يميز الوحدة الدلالية 'براريك القصدير' عن الوحدة الدلالية 'حياة ريجنسي ' التي يميزها المقوم [+ ترف] أو [+ تسلية].

المقومات الجوهرية والعرضية:

ومن هنا، نختلف مع راستي (1987) من حيث اعتبارنا جميع المقومات (الجوهرية والعرضية) مميزة للوحدات الدلالية، إذ يلعب السياق دورا حاسما في تعيين طبيعة المقوم المميز؛ الجوهري أو العرضي.
بيد أن مصدر هذين النمطين مختلف بطبيعة الحال، إذ إن المقومات الجوهرية تنتج عن النسق الوظيفي للغة، بينما المقومات المضمرة - العرضية تترتب عن المعايير الذاتية والاجتماعية.
إضافة إلى أن المقوم الجوهري يمثل في الغالب علاقة بين الوحدات الدلالية داخل نفس الحقل المعجمي (Taxème) الواحد، بينما المقوم العرضي علاقة لوحدة دلالية مع أخرى لا تنتمي لنفس المجموعة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال