نزعة التسامح والإنسانية في الحضارة العربية الإسلامية.. الأخلاق الحميدة التي رواها لنا التراث العربي

 تتجلى صورة النزعة الإنسانية في الحضارة الإسلامية من خلال طريقتين الأولى رسالة الإسلام التي جاء بها القرأن الكريم وحدث الرسول صلى الله عليه وسلم بها والثانية هي ماورثه العرب من الأخلاق الحميدة التي رواها لنا التراث العربي , ولقد ذكرت العديد من الألفاظ في القرأن الكريم والسنة النبوية والتي تحث على الإنسانية وتدعوا إليها في كل زمان ومكان , فعن معاذ بن جبل أنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أوصيك بتقوى الله , وصدق الحديث , ووفاء العهد , وأداء الأمانة , وترك الخيانة , وحفظ الحياد , ورحمة اليتيم , ولين الكلام , وبذل السلام , وحفظ الجناح ) , وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على التواصل والمبادرة الإنسانية حيث قال : أفضل الفضائل ان تصل من قطعك , وتعطي من حرمك , وتصفح عمن ظلمك ) , فالحضارة الإسلامية حضارة إنسانية ملائمة لفطرة الإنسان وخصائصه المتعددة ومسايرة لتطلعاته وقادرة على تلبية حاجاته , فهو في نظر الإسلام كائن حي خلقه الله تعالى واختاره من بين المخلوقات جميعا ليكون خليفة الله في ارضه لأنه مؤهل للتكليف الالهي والمسئولية , وقد ارسل إليه الرسل كي يهدونه إلى سواء السبيل , بل وقد نظر الإسلام إلى غير المسلمين من أهل الذمة نظرة تسامح وأعطاهم حقوقهم وقد أثنى العديد من المؤلفين المسلمين على العلماء والكتاب من أهل السنة وهو مالم تعرفه أوروبا . 
 ولا يزال الغرب يدعي أن أول من أعلن حق الإنسان في الحرية والأخاء والمساواة وأنه واضع حقوق الإنسان , وما أشد جرأة هؤلاء وهؤلاء على الحقائق , فلقد سبقهم الإسلام بأجيال وقرون إلى إعلان حقوق الإنسان وتأييدها وحمايتها , ومابالكم بدين حرر المرأة من جور الرجال , وحرر العامل من ظلم صاحب العمل , وحرر الرقيق والخدم من العبودية والهوان , وحافظ على حق الإنسان في الحياة والأمن , وحقة في الملكية , وفي الكرامة الإنسانية , وفي تكوين الأسرة , وفي الإشتراك في إدارة شئون الدولة , ودعا إلى العدالة بأجلى معانيها , وإلى الأخاء بأصدق مدلولاته , وإلى الحرية الكاملة , والمساواة الشاملة , والاشتراكية العادلة , وحمى أتباع الأديان الأخرى , وجعل لهم ماللمسلمين وعليهم ماعليهم من واجبات وحقوق , شعاره في ذلك الآية الكريمة < يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى , وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا , إن أكرمكم عند الله أتقاكم > , فلقد كان أفلاطون وأرسطو من فلاسفة اليونان يقرران حرمان العمال والصناع والموالى من الحقوق المدنية , لانحطاط مايمارسونه من مهن , وكان غيرهما يضع الرقيق والحيوانات في منزلة سواء , فأين هذا من سماحة الإسلام وسمو مبادئه , التي سوت بين الناس جميعاً.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال