عالمية وحيوية الحضارة العربية الإسلامية.. عدم تأثير تمزق الوحدة السياسية الإسلامية على استمرار الوحدة الحضارية القائمة على الإسلام والعروبة

تعني العالمية في الحضارة الإسلامية انها ليست حضارة محصورة على فئة او جماعة او منطقة او جزئية معينه ولكن هي صالحه للناس كافه ودليل ذلك قوله تعالى ( وما ارسلناك للناس كافة بشيرا ونذيرا ) حيث سمحت هذه الحضارة بسرعة دخول الناس للإسلام وإنتشار الأفكار بينهم بكل سهولة وحيوية , ولعل أبرز مايميزها ويجعل من السهل على من يعتنقونها التواصل مع بعضهم البعض وتبادل الأفكار بكل يسر هي فريضة الحج التي فرضها الله عز وجل على كل مسلم بالغ حر عاقل وقادر ليلتقي فيها المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها ويتبادلون فيها الأفكار والأحاديث التي تتعلق بأمور دينهم ,وقد ساهمت بذلك في توسعت الأمم والأجناس واستطاعت تلك الشعوب والبيئات التي دخلت في هذه الحضارة ان تطور حياتها معنويا وماديا تطويرا واضحا في ظلها وترتقي بجميع مكونات الحياة بعد ان كانت متخلفة , بل مما يبين حيوية هذه الحضارة أنها أثرت في المدنية العالمية وفي نقل تراث الأمم القديمة وكان لها أثر فعال في الشرق والغرب وبالإضافة إلى ذلك فإنها كانت من عوامل النهظة الأوروبية الحديثة.
والحضارة الإسلامية قوية بذاتها لأنها تعتمد على أسس متينة من الدعائم الروحية والخلفية والفكرية , ولذلك لم يؤثر تمزق الوحدة السياسية الإسلامية على استمرار الوحدة الحضارية القائمة على الإسلام والعروبة .
ولقد بدأ المفكرون في القرن العشرين يدعون إلى حكومة عالمية , فأين هم من الإسلام ورسوله الكريم الذي دعا إلى أخوة المسلمين في الدين , وأخوة الناس جميعاً في الإنسانية , ولم يجعل لعربي على أعجمي فضلا إلى بالتقوى والعمل الصالح , وألغى الفروق بين الأفراد والطبقات والعناصر والأجناس والألوان والشعوب , وجعل أساس الحكم المحافظة على الكرام والإنسانية ونشر كلمة الله والهدى والنور والحق والخير والمعرفة , الدين واحد والناس جميعا أخوة يحكمهم حاكم واحد بما أنزل الله , ويقول توماس كارليل في كتابه الأبطال (إن الرسالة التي أداها ذلك الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) مازالت السراج المنير مدة ثلاثة عشر قرناً لأكثر من مائتي مليون من البشر , وإن رجلاً كاذباً لايستطيع أن يوجد دين وينشره , وعجيب وايم الله أمية محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فلم يقتبس من نور أي أنسان آخر , ولم يغترف من مناهل غيره , ولم يكن إلا كجميع الأنبياء , (أولئك الذين أشبههم بالمصابيح الهادية في ظلمات الدهور).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال