يمثل عقد التسعينيات من القرن الماضي، عقد المخاض للعديد من التحولات الضخمة والواسعة، فقد مهد الطريق لولادة مجموعة كبيرة من المفاهيم والطروحات المتنوعة، وصولاً لتيارات ومناهج سياسية واجتماعية وفكرية تتبنى رؤى تستمد شرعية أغلب ما تدعو إليه مما عُرف حينها بالنظام العالمي الجديد.
"هذا النظام الجديد الذي بشر –بدوره- بمفاجآت أضخم وأوسع سيشهدها العالم وهو يستقبل العقد الثاني لألفيته الثالثة، وذلك بفعل التنوع والكفاءة الحاصلين في تقنية وسائل الاتصال المختلفة، تلك التي دشنت في أدبيات ذلك العقد ولاتزال. مشروع (القرية الكويتية) ([1]) تحول في نظر الكاتب إلى "عمارة واحدة" يسكنها "أناس العالم" وهي عمارة لا يرضى بعض سكانها أن يخرب منشأتها "عيال" سكان آخرين.
فكل ما يشاهد من أحداث وتطورات على الساحة الدولية هو من فعل سياسة العولمة التي تحمل في طياتها مخزون العولمة السياسية و "سكان العمارة الواحدة".
وتبدو أهمية معرفة "وضع الشباب" في دول منطقة الخليج العربي وموقفه من أنساق القيم والثقافة المجتمعية ومدى تأثره بظاهرة العولمة خصوصاً في السنوات القليلة القادمة (عام 2025م كمحدد لدراستنا هذه) تبدو أهمية معرفة هذا "الوضع" لكونه يمثل العنصر الثابت والقابل لفعل هذا المتغير (سياسة العولمة)، وذلك لما تمثله شريحة الشباب في كل مجتمع وأمة من فئة.
ويقدر حجم الشباب في المجتمع بـحوالي 40% في المتوسط من إجمالي مجموع السكان، وعددهم في تلك الفترة الحالية في دول مجلس التعاون حوالي أربعين مليون نسمة (مواطنون ومقيمون)، فإن أنظار الأقطاب الدولية التي تقود (العولمة) تسعى إلى تمرير مجمل أفكارها السياسية من أجل الاستفادة إيجابيا من هذه الشريحة – شريحة الشباب- عن طريق الإمساك بزمامها أو التأثير في خياراتها، خاصة أن هذه الشريحة في مجتمعات الخليج هي مصدر قلق كبير للدول الكبرى (كثير من أفكار التطرف تسري في عقول تلك الشريحة)، وكثير من "الأمل" معقود عليها لأنها هي القائدة الحقيقة للمجتمع في المستقبل، لما تشكله من أهمية اقتصادية في سياسة أقطاب العولمة.
([1]) الشباب وثقافة العولمة السياسية، بحث للكاتب / عبدالإله التاروتي، بمجلة الكلمة، تصدر عن منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث، بيروت – لبنان، السنة /11/العدد/ 42/شتاء 2004م/ 1425هـ، ص 115 وما بعدها.
التسميات
واقع الشباب