المركز القانوني للقدس في قرارات الجمعية العامة.. ارض محتلة تخضع لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م، وكافة قواعد القانون الإنساني الدولي المتعلقة بالأراضي المحتلة

في هذا المبحث اتناول القرارات الصادرة عن الجمعية العامة بشأن القدس سواء كانت منفردة أو ضمن ثنايا القرارات بشأن القضية الفلسطينية، وأهم هذه القرارات قرار التقسيم رقم (181) 29 من تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 وهو القرار الذي أوصي بتدويل مدينة القدس وجعلها تحت لجنة مشكلة من الأمم المتحدة لمدة عشر سنوات ثم ينظر في امرها بعدها ولكن طلب القرار في مضمونة أن تكون القدس مدينة دولية، نبين في هذه الدراسة القيمة القانونية لقرار التقسيم وفكرة تدويل مدينة القدس في القانون الدولي ماذا قال الفقه الدولي في ذلك.
ما المقصود بالقدس الشريف؟. هل هي البلدة القديمة بمساحتها البالغة أقل من كيلومتر مربع واحد داخل الأسوار ؟، أم هي المدينة ذات الكيان المنفصل Corpus Separatum (كوربوس سيباراتوم / كيان منفصل) كما هي محددة في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 بتاريخ 29/11/1947) البالغة مساحتها 175 كلم2 ؟، أم هي الشطر الشرقي من القدس بما فيه البلدة القديمة، بمساحته البالغة 6,5 كلم2 قبل احتلال إسرائيل له في أعقاب الحرب العدوانية التي شنتها ضد الأردن ومصر وسوريا في 5 حزيران 1967م ؟، أم هي القدس الموحدة بمساحتها الحالية البالغة 125 كلم2 ؟، أم هي القدس الكبرى المخطط لها أن تصل مساحتها ما بين 400 و600 كلم2 ؟
القدس المقصودة هنا هي القدس بشطريها الغربي والشرقي قبل احتلال شطرها الغربي منذ عام 1948 وشطرها الشرقي عام 1967م.
أن القدس بقيت مقسمة من عام 1948 حتي عام 1967 ولم يعترف المجتمع الدولي باحتلال إسرائيل على القدس الغربية ولا بوصاية الأردن على القدس الشرقية". والكل احتلالاً عسكرياً وتمارس فيها إشرافاً فعلياً قوياً. أما المرحلة الثانية فهي تخص إقدام إسرائيل على احتلال القدس بأكملها بعد ظهر 7 حزيران /يونيو 1967 م.
تعيش القدس حالياً حياة صعبة بالممارسات الإسرائيلية إلى تهدف لتحقيق ضم المدينة القديمة. التوحيد البلدي للمدينة تحت راية بلدية القدس. هدم العقارات والمباني الخاصة التي تعود بملكيتها إلى فلسطينيين. تدمير أملاك الأوقاف أو تجريدها من طابعها الديني. إقامة المستوطنات الإسرائيلية في المدينة القديمة وحولها. وقد مرت القدس بثلاث حلقات هي: الحلقة الأولى العزل: أي عزل القدس عن المحيط الفلسطيني. الحلقة الثانية الطرد: الطرد الجسدي والطرد الاقتصادي والطرد من الهوية. أي طرد المقدسيين من القدس جسدياً واقتصادياً ومن الهوية لمجرد إقامتهم في أماكن غير القدس. الحلقة الثالثة الإحلال: أي إحلال المستوطنين بدلاً من الفلسطينيين وهذه السياسة لم تتغير حتى الآن.
بداية نحب أن نلفت الأنتباه إلي أن الأمم المتحدة في كافة قراراتها التي صدرت عنها سواء من الجمعية العامة أو مجلس الأمن، كانت تقصد القدس الشرقية فقط دون القدس الغربية، وتلك من ضمن مساهمات الأمم المتحدة في تكوين وإنشاء إسرائيل وقيام دولة غير الدولة الفلسطينية علي أرض دولة فلسطين من البحر إلي النهر، بداية بالتغاضي عن الجرائم التي ارتكيها الصهاينة واحتلال الأراضي الفلسطينية ثم مكافأة العصابات الصهيونية علي تلك الانتهاكات والمخالفات للقانون الدولي العام بكافة فروعه، وأصدار قرار التقسيم لا يمكن أي سند لا من القانون الدولي ولا من التاريخ ولا من الواقع، ويعتبر هذا القرار أشتراك من الأمم المتحدة في جريمة سرقة فلسطين من أهلها، بل أنها من الفاعلين الأصليين في هذه الجريمة الأشهر في التاريخ، والحقيقة أن مدينة القدس وأماكنها المقدسة لم تكن بحاجة إلى تدويل كما فرض النظام الدولي على سكانها الفلسطينيون دون استشارتهم أو نيل موافقتهم.
وتبرر الأمم المتحدة اختصاصها بحماية القدس الشرقية فقط علي زعم باطل طبقا للقانون الدولي وهي أن القدس الغربية كانت تحت سيطرة العصابات الصهيونية قبل صدور قرار التقسيم وبالتالي فأنها كانت قد خرجت من الأراضي العربية، وتقع تحت سيطرة العصابات الصهيونية، وتتناسي الأمم المتحدة أن القدس الغربية وكافة الأراضي الفلسطينية التي أحتلتها العصابات الصهيونية قبل عام 1948م هي أراضي محتلة، تخضع لمبدأ عام في القانون الدولي وهو مبدأ تحريم الأستيلاء علي أراضي الغير بالقوة، لذلك فأن الحديث عن القدس الشرقية فقط يعد انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ومع الأسف الشديد فان النظام الرسمي العربي قد ساير الأمم المتحدة في ذلك أم عمالة أو جهلا والأولي هي الأقرب للحقيقة.
لذلك نري ومعنا التاريخ والقانون أن كافة الأراضي الفلسطينية من النهر إلي البحر هي أرض محتلة من قبل العصابات الصهيونية وهي ملك للشعب الفلسطيني، وليست ملكا للأمم المتحدة حتي تكافئ العصابات الصهيونية بأعطائها أرض فلسطين لا كلها ولا جزء منها، كما أن قرار التقسيم باطل لمخالفته القواعد العامة  الآمرة في القانون الدولي العام وعلي رأسها حق تقرير المصير ومبدأ تحريم الأستيلاء علي أراضي الغير بالقوة، ومبدأ تحريم استخدام القوة كما أنه يهدد السلم والأمن الدوليين وهو من أهم أهداف الأمم المتحدة، لذلك ليس لقوات الاحتلال الحق في الدفاع الشرعي طبقا للقاعدة العامة الآمرة في القانون الدولي التي تنص علي ( لا دفاع شرعي ضد دفاع شرعي) والقاعدة التي تنص علي أنه ( لا مقاومة لفعل مباح).
صدرت القرارات الدولية من هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها منذ أن احتل الكيان الصهيوني القدس الغربية في حرب 1948، مثل قرار مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة رقم 114 في 20 من كانون أول/ديسمبر عام 1949، ويقضي بإبطال إعلان إسرائيل القدس عاصمة لها، ومن ثم أصبح المركز القانوني للجزء الغربي من القدس والذي احتلته إسرائيل عام 1949، من قبيل الأراضي المحتلة التي تخضع لاتفاقية جنيف الرابعة.
لذلك وترتيبا علي ما سبق فأننا سوف نتكلم في هذه الدراسة عن القدس الكاملة جغرافيا كما يراها أصحاب الأرض الفلسطينيون، وليست كما تراها الأمم المتحدة وحصرها بالقدس الشرقية فقط ، فالقدس جغرافيا كاملة الشرقية والغربية هي أرض فلسطينية محتلة مخالفة لكافة قواعد واحكام ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومواثيق كافة المنظمات الدولية الإقليمية الموجودة في المجتمع الدولي، فلا توجد قاعدة في القانون الدولي المعاصر تدل لا صراحة ولا ضمنا ولا بطريق المخالفة علي قيام دولة غير فلسطينية علي ارض فلسطين من النهر إلي البحر، مهما حاولت العصابات الصهيونية ومعها الأمم المتحدة والغرب كله وحتي النظام الرسمي العربي، أضفاء أي شرعية علي غير الدولة الفلسطينية علي أرض فلسطين من النهر إلي البحر.       
نؤكد علي حقيقة تاريخية وواقعية وقانونية مهما سعي المجتمع إلي أنكارها وهي بطلان قيام دولة يهودية أو إسرائيلية علي أرض فلسطين من النهر إلي البحر، مهما صدرت قرارات من الأمم المتحدة وغيرها لن ولم تغير هذه الحقيقية التاريخية والقانونية الثابتة ثبوت الشمس في كبد السماء منتصف النهار.
عديدة ومتعددة تلك القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القدس، سواء لتحديد المركز القانوني لهذه المدينة المقدسة، أو تنديدا لفظيا فقط ضد الإجراءات التي تتخذ من قبل قوات الاحتلال لهذه المدينة سواء الأستيطان أو التعدي علي جغرافيتها بضم مدن لا تتبع القدس لتوسعتها والتعدي الديمغرافي علي المدينة والسكان العرب أصحاب الأرض، سواء بالقتل والحرج والضرب والتهديد وكافة الأفعال المحرمة في البشرية والقانون.
وسوف نلقي الضوء هنا علي أهم القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تمكننا من معرفة حقيقة المركز القانوني لمدينة القدس الكاملة في نظر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأول وأهم هذه القرارات قرار التقسيم  قرار التقسيم 181 الصادر في 29/11/ 1947م، ثم قرار الجمعية العامة رقم 168 الصادر في بتاريخ 14/5/ 1948، وقرار الجمعية العامة رقم (194) بتاريخ 11/12/1948م أصدرت الامم المتحدة في هذا القرار على تدويل منطقة القدس وانشأت لجنة التوفيق , وعهدت اليها وضع نظام دائم للتدويل . واجتمعت اللجنة خلال عام 1949 مع الوفود العربية والوفد الاسرائيلي في لوزان , وتم توقيع برتكول لوزان بتاريخ 12/5/1949م، قرار الجمعية العامة رقم (2253) بتاريخ 4 / 7 / 1967م، دعا هذا القرار اسرائيل الى الغاء التدابير المتخذة لتغير وضع مدينة القدس , والامتناع عنها في المستقبل، اعتبرت هيئة الامم ان تلك التدابير غير صحيحة، وطلبت من اسرائيل الغاء حميع التدابير التي صار اتخاذها , والامتناع فوراً من اتيان اي عمل من شأنه.
وقد أكدت الجمعية العامة ذلك في القرار رقم 2254 بتاريخ 14/7/1967م، والقرار رقم 2851 بتاريخ 20/12/1971م أكد علي بطلان كافة الإجراءات التي قامت بها قوات الاحتلال في القدس، والقرار رقم 3005 بتاريخ 15/12/1972م، والقرار رقم 3525 بتاريخ 15/12/1975م، والقرار رقم 31/106 بتاريخ 16/12/1976م، والقرار رقم 32/91 بتاريخ 13/12/1977م، والقرار رقم 33/133 بتاريخ 18/12/1978م، والقرار رقم 34/90 بتاريخ 12/12/1979م، والقرار رقم 35/122 بتاريخ 11/12/1980م، والقرار رقم 63/147 في 16/12/1981م، والقرار رقم 37/88 بتاريخ 10/12/1980م، والقرار رقم 38/79 في 15/12/1983م، والقرار رقم 39/95 في 14/12/1984م، والقرار رقم 40/161 في 16/12/1985م، والقرار رقم 41/63 في 3/12/1986م، والقرار رقم 42/160في 8/12/1987م، والقرار رقم 43/58 في 6/12/1988م، والقرار رقم 44/48 في 8/12/1989م، والقرار رقم 45/74 في 11/12/1990م، والقرار رقم 452/1979م في 20/7/1979م، والقرار رقم 465/1980م في 1/3/1980م، والقرار رقم 471/1980 في 5/7/1980م، والقرار رقم 476/1980 في 30/7/1980م، والقرار رقم 478/1980م في 20/8/1980م،  والقرار رقم 593/1986 في 8/12/1986م، والقرار رقم 605/1987 في 23/12/1987م، والقرار رقم 607/1988 في 5/1/1988م، والقرار رقم 608/1988م في 14/1/1988م، والقرار رقم 636/1989م، في 6/7/1989م، والقرار رقم 641/1989 في 30/8/1989م، والقرار رقم 672/1990 في 13/10/1990م، والقرار رقم 681/1990 في 20/12/1990م، والقرار رقم 694/1991 في 24/5/1991م، والقرار رقم 726/1992 في 6/1/1992م، والقرار رقم 799/1992 في 18/12/1992م، والقرار رقم 904/1994 في 18/3/1994م، والقرار رقم 43/58(هاء) في 6/12/1998م، والقرار رقم 44/48 في 8/12/1989م، والقرار رقم 45/74(هاء) في 11/12/1990م، والقرار رقم 46/47 في 9/12/1991م، والقرار رقم 47/70(هاء) في 14/12/1992م، والقرار رقم 44/2 في 6/10/1989م، والقرار رقم 45/69 في 6/12/1990م، والقرار رقم 46/76 في 11/12/1991م، والقرار رقم (هاء) في 11/12/1992م، والقرار رقم 35/69 (هاء) في 15/12/1980م، والقرار رقم 36/20(هاء) في 10/12/1981م، والقرار رقم 37/123 (جيم) في 16-20/12/1982م، والقرار رقم 38/180(جيم) في 19/12/1983م، والقرار رقم 39/146(جيم) في 14/12/1984م، والقرار رقم 40/168(جيم) في 16/1/1985م، والقرار رقم 41/162(جيم) في 4/12/1986م، القرار رقم 42/209(دال)في 11/12/1987م، والقرار رقم رقم 43/54(جيم) في 6/12/1988م، والقرار رقم 44/40(جيم) في 4/12/1989م، والقرار رقم 45/83(جيم) في 13/12/1990م، والقرار رقم 46/82(باء) في 16/12/1991م، والقرار رقم 47/63(باء) في 11/12/1992م، والقرار رقم 48/59(ألف) في 14/12/1993م، والقرار رقم 49/87(ألف) في 16/12/1994م، والقرار رقم 38/79 (زاي) في 15/12/1983م.
هذه أرقام بعض القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القدس سواء المركز القانوني أو التنديد بما تقدم عليه قوات الاحتلال الإسرائيلية سواء في مواجهة السكان أو الأرض، ونلخص مما سبق إلي الآتي:      
 بطلان قرار التقسيم 181الصادرمن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/1974م  باطلا مطلقا للأسباب التالية:
1 – مخالفة قرار التقسيم  للمادة الأولي الفقرة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة  الخاصة بمبدأ حق تقرير المصير للشعوب وهو من المبادئ العامة العامة في القانون الدولي التي لا يجوز مخالفتها ولا الاتفاق علي مخالفتها طبقا للمادة (34) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م.
2 - مخالفة قرارالتقسيم 181 للمادة 10 من ميثاق الأمم المتحدة التي تخولها حق التقدم بتوصيات دون اتخاذ القرارات.
3 - إن قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947م مشوباً بالبطلان لأن هذا القرار لم يكتسب الدرجة القطعية ويصبح قراراً نهائياً بالنسبة لإجراءات الأمم المتحدة، وقد قام مجلس الأمن والجمعية العامة بإلغاءه ووقف تنفيذه حيث قرر مجلس الأمن بتاريخ 19/ 3/ 1948م بالقرار رقم 27 وأفاد بأن مجلس الأمن ليس لديه الاستعداد لتنفيذ قرار التقسيم رقم 181 ويوصي بإعادة القضية الفلسطينية للجمعية العامة وفرض وصاية مؤقتة على فلسطين تحت وصاية مجلس الأمن ولكن هذا الإجراء لم ينفذ كلياً أو جزئياً، إضافة إلى ذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/ 5/ 1948م قرارها الثاني المتضمن إعفاء لجنة فلسطين من أية مسؤوليات, نصت عليها المادة 2 من قرار التقسيم 181 والعمل على إجراء تسوية سلمية لمستقبل الوضع في فلسطين.
وبهذا يكون قرار التقسيم ملغى وباطل بشكل صريح وواضح, وإن وجود إسرائيل المستمد من قرار التقسيم يعتبر وجوداً باطلاً, بل إن تدويل القدس باطل لأن قرار التقسيم باطل ولم يحترم ولم ينفذ لا، من قبل الأمم المتحدة ولا، من قبل إسرائيل التي أعلنت قبولها اقتراح الأمم المتحدة الخاص بكيان منفصل للقدس لا يتبع أراضي الدولة اليهودية أو العربية وفق قرار التقسيم، والحقيقة أن القبول الإسرائيلي لإخراج القدس من السيادة الإسرائيلية والتخلي عنها كعاصمة أبدية لإسرائيل.
ورغم ذلك في 15 أيار عام 1948م تجاهلت الصهيونية قرار الجمعية العامة بإلغاء قرار التقسيم 181 وحتى قرار التقسيم نفسه وأعلنت قيام دولة إسرائيل على الأراضي التي احتلتها في الفترة بين 29 نوفمبر 1947م و15 مايو 1948م
4 - مخالفة القرار 181 كان لمقاصد الأمم المتحدة المنصوص عليها في المادة الأولى الفقرة الثانية المتمثلة بالعمل على تنمية التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي للسكان في الأقاليم المشمولة بالوصاية وتقدم تطورها باتجاه الاستقلال وبما يتفق مع أماني شعوبها وتوطيد احترام حقوق الإنسان وفق ما جاء والمادة 76 و80 و77 من ميثاق الأمم المتحدة.
5 - قرار التقسيم 181/لسنة 1947م لا يشمل تدويل مدينة القدس: لأنه نص في الجزء الثالث منه الفقرة الثالثة على أن هدف نظام التدويل بالدرجة الأولى هو حماية المصالح الروحية والدينية للأماكن المقدسة التابعة للديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية والموجودة داخل مدينة القدس بحيث يسود نظام ديني خاص، وليس أصباغ أي شرعية لغير الطرف صاحب الأرض وهم الفلسطينيون.
6 – يخالف قرار التقسيم مبدأ احترام الحقوق المتساوية للشعوب، ومبدأ حق المساواة في السيادة بين الدول الوارد في المادة الثانية الفقرة الأولي من ميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية المنصوص عليه في المادة الثانية الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة.
وبناء على ما ذكر فإن السيادة على مدينة القدس بشطريها تبقى من وجهة نظر القانون الدولي عائدة للشعب الفلسطيني رغم وجود الاحتلال الإسرائيلي على هذه المدينة، ولا يمكن الأعترف لإسرائيل بالسيادة على أي جزء من مدينة القدس، لأنه مخالف لقاعدة عامة في القانون الدولي تقضي بعدم إلزم الجمتع الدولي بالاعتراف بأي مكاسب أو تغييرات إقليمية تنجم عن استخدام القوة، وهو مبدأ تحريم الأستيلاء علي أراضي الغير بالقوة، الوارد في إعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية وفق ميثاق الأمم المتحدة، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 24 أكتوبر 1970م والذي نص على أن [أي اكتساب إقليمي ينجم عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لن يعترف به كعمل قانوني] لأن الاحتلال لا يولد الحق.
إضافة إلى مبدأ حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية الوارد في المادة الثانية في الفقرة الرابعة من الميثاق على أن [يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة] وهذا يستوجب من المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بأي أثر قانوني عن العمل الذي انتهك قاعدة قانونية دولية آمرة، الواردة في المادة (53) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م التي نصت على (تعتبر قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام، القاعدة المقبولة والمعترف بها من الجماعة الدولية كقاعدة لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تغييرها إلا بقاعدة لاحقة من قواعد القانون الدولي العام لها ذات الصفة).
ويترتب علي ذلك أن القاعدة الدولية الآمرة هي قاعدة أساسية من قواعد القانون الدولي العام وأن هناك التزام على الدول يقضي بعدم مخالفتها، لأنها تحمي وتحافظ علي مصالح المجمتع الدولي، ولهذا فإن مخالفة القاعدة الآمرة يترتب عليه ببطلان كل تصرف يأتي انتهاكاً لها.
أن القانون الدولي يهدف في جوهره تحقيق رسالة اجتماعية وسياسية، ومن هنا يتبين أن القواعد القانونية الآمرة جاءت متضمنة الإلزام كونها تمس هذا الجوهر في سبيل مصلحة المجتمع الدولي بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. من الواضح أن إسرائيل خرقت مبدأ احترام السيادة، ومبدأ منع اللجوء إلى استعمال القوة في العلاقات الدولية ومبدأ عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة، تلك المبادئ ما هي إلا قواعد قانونية آمرة وملزمة لجميع أعضاء الأمم المتحدة بعدم مخالفتها، رتب القانون الدولي جزاءً لخرقها في مقدمتها بطلان التصرف المخالف بطلاناً مطلقاً وعدم الاعتراف بما نتج من أوضاع إقليمية غير مشروعة، وهذا واجب قانوني يقع على عاتق جميع الدول حتى ولو لم يلحق بهذه الدول ضرراً، وقد تأيد ذلك في الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية لعام 1971م المتعلق بإقليم ناميبيا حيث جاء فيه (أن الأمم المتحدة تعتمد على الدول الأعضاء فيها في ضمان تنفيذ ما تتخذه من تدابير إزاء وضع غير مشروع من الناحية الدولية).
مما سبق يتبين بطلان قيام دولة يهودية أو إسرائيلية علي أرض فلسطين من النهر إلي البحر بما فيها القدس بكاملها الشرقية والغربية بطلانا مطلقا، لايجيزه اتفاق الأطراف المعنية عليه، لمخالفته القواعد العامة الآمرة في القانون الدولي، ولا يعطيه أي شرعية أو مشروعية كافة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة سواء من الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
وترتيبا علي ما سبق من البطلان المطلق لقرار التقسيم 181/لسنة 1947م، بطلان كافة الآثار والأفعال التي ترتبت عليه، وكذلك بطلان كافة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تخالف ما سبق من قواعد عامة آمرة في القانون الدولي، وكذلك كافة التصرفات التي قامت بها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية كافة من النهر إلي البحر بما فيها القدس الشريف كاملة، وتتمثل هذه الإجراءات في الآتي:
أولاً: طرد السكان الفلسطينيين من القدس. ثانياً: الإجراءات الإدارية والعقوبات الجماعية. ثالثاً: هدم المباني والأملاك الخاصة بالفلسطينيين
رابعاً: الانتهاك الإسرائيلي لحرية الفكر والتعبير والتعليم بالقدس خامساً:الاعتداء الإسرائيلي العسكري على القوانين والتشريعات الفلسطينية. سادساً: هدم الأماكن المقدسة والاعتداء على حرماتها. سابعاً: الحفريات تحت المسجد الأقصى وحوله وفتح عدة أنفاق. ثامناً: المستوطنات اليهودية في مدينة القدس وحولها.
وتخالف هذه الإجراءات أيضا اتفاقية لاهاي الرابعة عام 1907م واتفاقيات جنيف لعام 1949م وخاصة الاتفاقية الرابعة، والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م، وتعتبر أرض فلسطين من النهر إلي البحر أرض محتلة.
ونخلص مما سبق أن كافة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية وبخاصة القدس الشريف بشقيها الشرقي والغربي باطلة طبقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وأنها ارض محتلة تخضع لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م، وكافة قواعد القانون الإنساني الدولي المتعلقة بالأراضي المحتلة، فالوجود الصهيوني علي أرض فلسطين من النهر إلي البحر باطل بطلانا مطلقا يترتب علي ذلك أن قوات الاحتلال في فلسطين بما فيها القدس ليس لها حق الدفاع الشرعي إعمالا للقاعدة التي تنص علي (لا دفاع شرعي ضد دفاع شرعي ) والتي التي تنص علي ( لا مقاومة لفعل مباح) وأن الفلسطينيين هم فقط الذين لهم حق الدفاع الشرعي ضد قوات الاحتلال في كافة الأراضي الفلسطينية من النهر إلي البحر بما فيها القدس الشريف كاملة بشقيها الشرقي والغربي، ولا يملك المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة تغيير هذا المركز القانوني للأراضي الفلسطينية  المحتلة بما فيها القدس الشريف كاملة الشرقية والغربية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال