عندما انتقل التقويم التكويني إلى شرقي المحيط الأطلسي تأثر بالدراسات التربوية المستوحاة من الدراسات النشوئية لبياجيه والدراسات الأنجلو أمريكية ذات التوجه العرفاني كأعمال "برونرBruner" حول التعلم عن طريق البحث والأبحاث حول حلّ المشكلات ويعبر "جون كاردينيه "(Cardinet.J) و"لندة علال"(Linda Allal) و"بارّونو" (Perrenoud) أهمّ من كتب حول التقييم التكويني من هذا المنظار.
يعيب أصحاب التيار العرفاني على منظري التقويم التكويني السلوكي المرتبط ببيداغوجيا الأهداف أنه يجزئ الأهداف العامة ويفرّعها إلى أهداف وسيطة وإجرائية بمعزل عن المتعلمين فهو عمل يقوم به أخصائيون بعيدين عن الوضعية التعليمية–التعلمية المعيشية بالفصل وهو عمل قد يساهم في ترشيد العملية التربوية إلاّ أنه ينجز بمنطق الأخصائيين الذي "يعكس عادة تصوّرا خطيّا للتعلم" حسب شفلار(Chevalard 1985).
كما يعيب منظرو التقويم التكويني العرفاني على السلوكيين اعتبارهم أن تملك التلميذ للأهداف والمحكات لا يتم إلاّ عن طريق الشفاهية فيصرّح المعلم بهذه الأهداف ويحدّدها بدقة وذلك لأن هذه العملية تجعل المحكات ومقاييس النجاح هي الأهداف التي يضعها التلميذ نصب عينه ويتعامل معها ليتملكها فيغفل البحث عن المنهج واختبار المنهج الأفضل من بين عدّة مسالك موصلة لتحقيق الأهداف.
ونصل بهذا إلى المأخذ الثالث الذي ينقد عليه العرفانيون من منظوري التقويم، التقويم التكويني السلوكي وهو حرص هؤلاء على "النجاح" وإغفالهم لوسائل النجاح مثلما يقول"هاملين"(Hameline) في كتابه الأهداف البيداغوجية في التكوين الأساسي والتكوين المستمر(1979): «ما نخشاه هو أن التركيز على الأهداف وعلى المقاييس التي تحقق نجاحا سريعا قد يقلص التعلّم ويحصره في تكييف المتعلمين تكييفا نفعيا مع ما يطالبون بتحقيقه... أنّ مثل هذا التركيز يفضل التعلم ذا المدى القصير».
ذلك أن هذه المقارنة تسعى إلى الإنجاح في أقل وقت ممكن وبأقل مجهود وهو ما يرشد العملية التربوية إلاّ أن نجاح التلميذ في أدائه لا يمنعه دائما من أن يقضي عليه النسيان تدريجيا كما يصعب نقله وتوظيفه في وضعيات جديدة.
لذلك فإن كان التقويم التكويني القائم على التصور السلوكي يرمي إلى المقارنة بين نتائج تعليم وشبكة من المحكات في كلّ مرحلة من مراحل التعليم فإن التقويم التكويني من منظور عرفاني يهدف إلى هذا أيضا مع التميز بين النتيجة وكيفية تحقيق فتركز على التمشيات الذهنية العرفانية التي توجّه النتائج.
وأبرزت لندا علال (Linda Allal) ثلاث وظائف للتقويم:
- الوظيفة التشخيصية (Pronostique) قبل التكوين ويقصد منها توجيه العمليات التعلمية-التعليمية أو قبول المتعلم في مستوى معيّن.
- الوظيفة التكوينية (Formative) أثناء العملية التعليمية-التعلمية ويقصد منها اتخاذ قرارات تعديلية داخلية.
- الوظيفة الإجمالية: ويقصد منها الإشهاد.
ويتمثل جوهر التقويم التكويني حسب"علال"في التعديل إذ تقدّم نموذجا تفاعليا للتقييم يتضمن تعديلات مندمجة وتعديلات مؤجّلة.
في التعديل الاندماجي "يدمج التعديل ضمن الوضعية التعليمية في مسارها، وتتكيف أنشطة التعلم مع تفاعل التلميذ بالتلميذ وتفاعله مع الأتراب وتفاعله مع الوسائل التعليمية- التعلمية" ويستخدم التلميذ في إطار "التعديل الاندماجي" أدوات يساهم في صياغتها مثل شبكات التقويم الذاتي وجداول تحدد المهمّات والمصادر المتوفرة وأنواع التنظيم أو التوظيف المسموح بها.
كما ينتفع التلميذ عند التعديل الاندماجي بالمفهوم الارتجاعي المتمثل في إعلام خاص بقيمة أدائه يصدر عن المعلم أو عن الأداة أو عن الأتراب.
ويشمل التعديل المؤجل تعديلا قبليا (Proactif) بتدعيم بعض الكفايات في طريقها إلى التملك باستعمال وضعيات تعلم ملائمة وتعميق تملك بعض الكفايات بتنويع الوضعيات. أما التعديل المؤجل الرّاجع إلى أخطاء وقعت ملاحظتها سابقا فإئه يهدف إلى إنجاز بعض المعالجات وتدارك تلك الأخطاء الملاحظة.
وتهدف كلّ هذه التعديلات إلى فهم الوظائف العرفانية التي يستعملها التلميذ في مواجهة المهمة المقترحة ومن إجراءات التقويم التكويني في المنظومة العرفانية.
التسميات
أنواع التقويم التربوي