الطبيعة القانونية لقرارات الجمعية العامة.. الجزاء المترتب علي عدم تنفيذ القرار والإلتزام به جزاء أدبي فقط يتمثل في اللوم والصورة السيئة التي تلحق بالدولة العضو التي لا تلتزم بقراراتها

الجمعية العامة للأمم المتحدة هي الجهاز العام للمنظمة العالمية، وقد ورد النص عليها في الفصل الرابع من ميثاق الأمم المتحدة المادة التاسعة إلي المادة الثانية والعشرين، وقد بين هذا الفصل تشكليل الجمعية العامة للأمم المتحدة وكيفية التمثيل فيها وطريقة التصويت والاختصاصات والسلطات.

فقد نصت المادة التاسعة الفقرة الأولي علي تكوين الجمعية العامة (من جميع أعضاء الأمم المتحدة) ويبلغ عدد الأعضاء حاليا (192 دولة) جميع دول العالم ما عدا تايوان، وحددت الفقرة الثانية من المادة التاسعة عدد وفد كل دولة بحد أقصي خمسة مندوبين يمثلون الدولة العضو.

وقد حددت المواد من العاشرة حتى السابعة عشر من الميثاق وظائف الجمعية العامة وسلطاتها، فالمادة العاشرة نصت علي الاختصاص العام للجمعية العامة فأوردت أن للجمعية العامة أن تناقش أية مسألة أو أمر يدخل في نطاق هذا الميثاق أو يتصل بسلطات فرع من الفروع المنصوص عليها فيه أو وظائفه.

كما أن لها في ما عدا ما نصّ عليه في المادة 12 أن توصي أعضاء الهيئة أو مجلس الأمن أو كليهما بما تراه في تلك المسائل والأمور.

وفي المادة الحاية عشر نص علي الميثاق علي عدة وظائف للجمعية العامة تتمثل في النظر في المبادئ العامة للتعاون في حفظ السلم والأمن الدوليين، بما فيها مبادئ نزع السلاح وتنظيم التسليح، ملها تقديم التوصيات اللازمة بشأن ما سبق سواء للدول الأعضاء أو مجلس الأمن أو كليهما، وللجمعية العامة مناقشة أي مسألة لها صلة بالسلم والأمن الدوليين يرفعها إليها أي عضو فيها أو غير عضو طبقا للمادة (35) من الميثاق ولها فيما عدا ما ورد في المادة (12) من الميثاق أن تقدم توصياتها للدول الأعضاء وغير الأعضاء ولمجلس الأمن.

وقد وضعت المادة (11/2) التزاما علي الجمعية العامة بضرورة إحالة كافة المسائل التي تتطلب عملا إلي مجلس الأمن سواء قبل المناقشة أو بعدها.

وطبقا للمادة الحادية عشر الفقرة الثالثة للجمعية العامة أن تلفت نظر مجلس الأمن إلي أي مسألة تهدد السلم والأمن الدوليين، ونصت الفقرة الرابعة من ذات المادة علي أن لا تحدّ سلطات الجمعية العامة المبيّنة في هذه المادة من عموم مدى المادة العاشرة.

وقد وضعت المادة الثانية عشر قيدا علي اختصاصات الجمعية العامة ففي فقرتها الأولي منعت الجمعية العامة من مناقشة أو أصدار أي توصية في أي نزاع أو موقف معروض علي مجلس الأمن إلا بطلب من مجلس الأمن.

وفي الفقرة الثانية منها أوجبت علي الأمين العام للأمم المتحدة بموافقة مجلس الأمن في كل دورة من دورات أنعقاد الجمعية العامة الإبلاغ عن كافة المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين المعروضة علي مجلس الأمن كما يجب أن يخطرها بالمسائل التي انتهي مجلس الأمن من مناقشتها عند  الانتهاء من مناقشتها.

والمادة (13/1/أ/ب) أعطت الجمعية العامة حق عمل دراسات وأصدار توصيات في مجالات إنماء التعاون الدولي في كافة مجالات الحياة في المجتمع الدولي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية، وتشجيع التقدم المتزايد وتدوينه، والإعانة علي حماية وحفظ وتحقيق حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بلا تمييز لأي سبب من الأسباب.

والفقرة الثانية من هذه المادة أوضحت أن تبعات الجمعية العامة ووظائفها وسلطاتها الأخرى في ما يختص بالمسائل الواردة في الفقرة السابقة (ب) بيّنة في الفصلين التاسع والعاشر من هذا الميثاق.

وفي المادة الرابعة عشر من الميثاق جاء النص علي حق الجمعية العامة في أن توصي باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للتسوية السلمية لأي موقف دولي قد يضر - من وجهة نظر الجمعية العامة - بالرفاهية العامة أو يعكر صفو العلاقات الودية بين أمم الأرض بما فيها المواقف التي تنتج عن انتهاك احكام ميثاق الأمم المتحدة المتمثلة في مبادئ وأهداف المنظمة.

ونصت المادة الخامسة عشر الفقرة الأولي علي تقارير سنوية وخاصة من مجلس الأمن تتضمن بالتدابير التي أتخذها أو قرارها مجلس الأمن لحفظ السلم والأمن الدوليين.

وفي الفقرة الثانية منها نصت على تلقي تقارير من كافة فروع وأجهزة الأمم المتحدة للنظر فيها، والمادة السادسة عشر نصت علي مباشرة الجمعية العامة الوظائف الواردة في الفصلين الثاني والثالث عشر من الميثاق المتعلقة بنظام الوصاية الدولية بما فيها المصادقة علي اتفاقيات الوصاية بشأن المواقع الاستراتيجية، علما بأن فلسطين كانت تحت الوصاية.

ومن اختصاصات الجمعية العامة أيضا ما ورد في المادة السابعة عشر في فقراتها الثلاث، وتضمنت النظر في الميزانية المالية السنوية للأمم المتحدة والتصديق عليها، وتحديد أنصبة الاشتراكات المالية السنوية لأعضاء الأمم المتحدة، ولها النظر والتصديق أيضا علي كافة الترتيبات المالية  بميزانية الأمم المتحدة مع الوكالات المتخصصة المنصوص عليها في المادة (57) من الميثاق، كما تدرس الميزانيات الإدارية لتلك الوكالات التي تتلقي توصياتها منها.

وبينت المادة الثامنة عشر التصويت على القرارات في الجمعية العامة، ففي الفقرة الأولي منها جعلت لكل دولة عضو صوت واحد، وفي الفقرة الثانية منها نصت علي أن تصدر الجمعية العامة توصياتها في المسائل العامة المتمثلة حفظ السلم والأمن الدوليين، وأنتخاب أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين، وانتخاب أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وانتخاب أعضاء مجلس الوصاية طبقا لحكم الفقرة الأولي من المادة (86) من الميثاق، وقبول الأعضاء الجدد في المنظمة، ووقف الأعضاء عن مباشرة حقوق العضوية والتمتع بمزاياها وفصل الأعضاء، والمسائل المتعلقة بنظام الوصاية والميزانية بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين المشتركين في التصويت، أما القرارات في المسائل الأخري بما فيها تحديد طوائف المسائل الإضافية التي تتطلب في إقرارها أغلبية الثلثين، تصدر بأغلبية الأعضاء الحاضرين المشتركين في التصويت.

 والمادة التاسعة عشر نصت علي منع العضو الذي يتأخر عن سداد اشتراكاته المالية لمدة سنتين علي الأقل للمنظمة من التصويت في الجمعية العامة، وللجمعية العامة أن تسمح للعضو المتأخر عن السداد بالتصويت حال اقتناعها بأن أسباب عدم الدفع خارجة عن إرادة الدولة العضو. 

وفي المادة العشرين جاء النص على أن تجتمع الجمعية العامة في أدوار أنعقاد عادية وفي أدوار انعقاد سنوية خاصة إذا لزم الأمر، ويقوم بالدعوة إلي الأنعقاد الأمين العام للمم المتحدة بناء علي طلب مجلس الأمن أو أغلبية أعضاء الأمم المتحدة اي أعضاء الجمعية العامة.

وفي المادة الحادية والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة ورد النص علي أحقية الجمعية العامة في وضع لائحة إجراءاتها الداخلية، وأنتخاب رئيسها لكل دور من أدوار الأنعقاد، وفي المادة الثانية والعشرين أعطي الميثاق الحق للجمعية العامة في أن تنشأ من الفروع الثانوية ما تراه ضروريا للقيام بوظائفها الواردة في الميثاق.

ينقسم الفقهاء في القانون الدولي في مسالة الطبيعة القانونية لما يصدر عن الجمعية العامة من قرارات لفريقين:

- الرأي الأول: يري أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة تتمتع بقوة أدبية فقط والجزاء المترتب علي عدم تنفيذ القرار والإلتزام به جزاء أدبي فقط يتمثل في اللوم والصورة السيئة التي تلحق بالدولة العضو التي لا تلتزم بقرارات الجمعية العامة وهي عبارة عن توصيات لا ترقي لمرتبة القرارات، ولكن القرارات الصادرة عن الجمعية العامة لباقي أجهزة الأمم المتحدة تكون ملزمة لتلك الأجهزة وتكون من الناحية القانونية قرارات وليست توصيات.

- أما الرأي الثاني : فيري أن كافة ما يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يعتبر قرارات ملزمة لأنها تشكل الرأي العام السائد في المجتمع الدولي لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتبر بحق برلمان العالم لأنها تشمل كافة دول المجتمع الدولي، لذلك فأن القرار الذي يصدر عن برلمان العالم يعتبر صدي لحكم القانون الدولي والشرعية الدولية.

كما أن الجمعية العامة هي الجهاز العام للأمم المتحدة، لذلك يجب أن يكون ملزما، سواء كان القرار الصادر موجه للدول الأعضاء في المم المتحدة أم موجة لباقي أجهزة الأمم المتحدة ويترتب علي عدم الإلتزام بها المسئولية الدولية في حق الدولة العضو التي لم تلتزم بالقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا ما نراه ونذهب إليه ونؤيده.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال