نقرأ في القرآن الكريم أنه خـاطــب رسـولنا الأمين-صلى الله عليه وسلم- ـ في أول آياتـه نزولاً(2) ـ بأن يقوم عازماً، وينـهـــــض راشداً، ويسير ثابتاً واثقاً صابراً، مزيلاً اللحاف والـدثـار ليحقق أهدافاً شاملة عظيمة: (يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطـَـهِّـــرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ) [المدثر:1-6].
ثم توالت بعد ذلك آي القرآن العظيم لتبين هذه الأهداف وتفسرها وتكملها وتفضلها، فهدف العلم محـدد بقـوله ـ تعالى ـ: (اقْــراً بِاسْمِ رَبِّكَ الَذِي خَلَقَ) [العلق:1].
وهدف التحلي بجميل الخلق وعاطر المعاملة وحـســـــن السلوك بقوله تعالى: (وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلــم:4].
وقـوله تعالى: (فَبِمَـــــا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفـِــرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران:159].
وهـــــدف التماس الحكمة في الدعوة بقوله تعالى: (ادْعُ إلَـى سَـبـِـيـلِ رَبِّـــكَ بِـالْـحِـكْـمَـــةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].
وهـدف الـثـبات بقوله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَاًتِيَكَ اليَقِينُ) [الحجر: 99].
وهدف الانتماء للدين وأهله بقوله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كـَـفَـــــرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة:257].
وقوله تعالى: ((لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام:127].
وغير ذلك من الأهداف التي ناسب تقريرها في المجتمع المكي الـــذي كان يمر بظروف بداياته، ويتطلب التركيز على قضايا محددة.
ولقد أكد القرآن الكريم على أكثر الأهداف حتى بعد انتقال الجماعة المؤمنة من طور التأسيس العقدي والإيماني (مكة) إلى عهد البناء الشامل المتكامل (المدينة)؛ لأنها أهداف متناسقة متكاملة، بيد أنه قرر أهدافاً أخرى، تستطيع الجماعة المؤمنة من خلالها أن تقيم البناء الإسلامي الحضاري الشامل.
فمن ذلك ما قرره القرآن بقوله تعالى: (وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة: 122].
لقد دفع القرآن الكريم الأفواج المؤمنة لاقتحام مجالات الجهاد المتعددة وطرق أبوابه المتنوعة.
التسميات
أهداف تربوية