استبعاد الصدام بين الحضارات.. حان الوقت لكى يبدأ الاتحاد الأوروبى ومنظمة المؤتمر الإسلامى بالحديث مع بعضهما البعض على أعلى مستوى ممكن

من الأمثلة على صدام الحضارات ما شهده العقد الأخير من القرن العشرين من رفض واضح فى بعض الدوائر الغربية لنظرية صدام الحضارات- إذا جاز أن تسمى هذه الدعوة بالنظرية-.
ومن بين تلك الأصوات العاقلة فى الغرب (الأمير تشارلز) ولى عهد بريطانيا الذى ألقى محاضرة مهمة فى 27 أكتوبر 1993(3) في مسرح شيلدونيان بأكسفورد بمناسبة زيارته إلى مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية، وأكد فيها أن (الذي يربط العالمين الغربى والإسلامى أقوى بكثير مما يقسمهما؛ فالمسلمون والمسيحيون واليهود جميعهم (أصحاب كتاب).
والإسلام والمسيحية يشتركان فى النظرة الوحدانية: الإيمان بإله واحد، وبأن الحياة الدنيا فانية، وبالمسئولية عن أفعالنا، والإيمان بالآخرة. إننا نشترك فى كثير من القيم).
وأشار إلى أن حكم الغرب على الإسلام قد عانى من التحريف الجسيم نتيجة الاعتبار بأن التطرف هو القاعدة وقال: (إن التطرف ليس حكرًا على الإسلام، بل ينسحب على ديانات أخرى بما فيها الديانة المسيحية.
والغالبية العظمى من المسلمين يتسمون بالاعتدال. ودينهم هو دين الاعتدال).
وأشار كذلك إلى أن هناك الكثير مما يمكن أن نتعلمه من الإسلام (وأن العالمَين الإسلامى والغربى يمكن أن يتعلما كثيرًا من بعضهما البعض).
ورفض مقولة صدام الحضارات قائلاً: (أنا لا أوفق على مقولة أنهما (العالم الإسلامى والغربى) يتجهان نحو صدام فى عهد جديد من الخصومة والعداء ، بل إننى على قناعة تامة بأن لدى عالمَينا الكثير لكي يقدماه إلى بعضهما البعض).
كما أشار أيضًا إلى أن الكثير من المزايا التى تفخر بها أوروبا العصرية قد جاءت أصلاً من إسبانيا أثناء الحكم الإسلامى. وخلص إلى القول: (إن الإسلام جزء من ماضينا وحاضرنا فى جميع مجالات البحث الإنساني.
وقد ساهم فى إنشاء أوروبا المعاصرة. إنه جزء من تراثنا وليس شيئاً منفصلاً عنه.
وفى نفس الإطار نجد أن وزير الخارجية البريطانية (روبين كوك) يشير فى محاضرته فى المركز الإسماعيلى فى لندن فى 8 أكتوبر 1998م(4) إلى أن جذور الثقافة الغربية ليست يونانية أو رومانية الأصل فحسب، بل هى إسلامية أيضًا.
ويبين أن التحديات التى نواجهها تحديات عالمية.
ويرفض مقولة صراع الحضارات، وأن الإسلام هو العدو الجديد للغرب ويقول: (إن البعض يقول: إن الغرب بحاجة إلى عدو، وبما أن الحرب الباردة قد ولت إلى غير رجعة، فإن الإسلام سيأخذ مكان الاتحاد السوفييتى القديم كعدو.
ويقولون: إن صراع الحضارات قادم وأنه لا مفر منه. وأنا أقول: إنهم مخطئون، بل ومخطئون خطأ فادحًا.
فنحن لسنا بحاجة إلى الإسلام كعدو، بل نحن بحاجة إلى الإسلام كصديق).
ويشير إلى أن (الغرب مدين للإسلام بالشىء الكثير، فالإسلام قد وضع الأسس الفكرية لمجالات عديدة مهمة وكبيرة فى الحضارة الغربية . إن ثقافتينا قد تشابكتا مع بعضهما البعض عبر التاريخ والأجيال، وهى تتشابك أيضًا فى وقتنا الحاضر).
ويبرز كوك أهمية الحوار بين الجانبين ويقول: (اليوم أريد أن أقترح بأن نبدأ حوارًا جديدًا جديًا بين أوروبا والعالم الإسلامي.
فقد حان الوقت لكى يبدأ الاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامى بالحديث مع بعضهما البعض على أعلى مستوى ممكن).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال