صراعات الحضارات.. الحضارات لا تسيطر على الدول التي لا تتدخل للدفاع عن حضاراتها إلا إذا كان هذا في مصلحة الدولة

على النقيض من نظرية (هنتنجتون) فالحروب التى اشتعلت فى يوغسلافيا السابقة بما فيها من تطهير عرقى لم تكن جهادًا ولكن حروبًا على السلطة والأرض بين الأرثوذكس والكاثوليك من غير ذوى الملة من جهة، وبين المسلمين من جهة أخرى من خلال تحالفات غير دينية.
أما صبغة الدين التى اصطبغت بها القومية فقد نمت بشكل واع إلى جوار العداوات والقلاقل الاجتماعية، والصراعات التى شهدتها يوغسلافيا السابقة تبين كيف أنه من اليسير توظيف القومية كأداة، غير أنها لا يمكن أن تقوم كدليل يؤيد نظرية الحرب بين الحضارات.
وفى البوسنة زعم الصرب أنهم يقاتلون الإسلام من أجل المسيحية، ومن الصحيح أن الحروب التى نشبت فى يوغسلافيا السابقة اتبعت التخوم الثقافية بين الإمبراطوريات الرومانية الشرقية والغربية، وتطورت فيما بعد إلى حرب بين الأرثوذكسية والكاثوليكية، وبين الأرثوذكسية والكاثوليكية من جهة والإسلام من جهة أخرى.
ولكن هذا يرجع فى المقام الأول إلى اقتران القومية الصربية بإصرار قادة الحزب الشيوعى على عدم التخلى عن سلطتهم.
أما الهجوم الصربى الذى كان يهدف إلى إقامة صربيا العظمى فقد كان موجهًا منذ البداية إلى الجارتين المسيحيتين سلوفينيا وكرواتيا.
وفي البوسنة دافع المسلمون عن مجتمع متحضر، بينما أظهر الصرب الأرثوذكس تعصبًا وضيق أفق لا يقل عما هو خليق بأشد المتعصبين من أية ديانة أخرى، وفى البوسنة وكوسوفا أيضًا تدخلت قوات من الحضارة الغربية لنصرة المسلمين.
إن الحضارات لا تسيطر على الدول، بل على العكس من ذلك تسيطر الدول على الحضارات، وهى لا تتدخل للدفاع عن حضاراتها إلا إذا كان هذا فى مصلحة الدولة.
وفى الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، حاولت إيران أن تقوم بدور الوساطة وجنحت إلى تأييد مسيحيى أرمينيا لا مسلمى أذربيجان؛ خشية أن يؤدى انتصار أذربيجان إلى تقوية النزاعات الانفصالية بين الأقلية الأذربيجانية الكبيرة العدد.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال