نقاط ضعف نظرية الصراع بين الحصارات.. بؤرة الصراع الأساسية فى المستقبل القريب ستكون بين الغرب والدول الإسلامية الكونفوشيوسية العديدة

إحدى النقاط المهمة التى يثيرها (هنتنجتون) هى أننا نشهد الآن ظهور المحور الإسلامي الكونفوشيوسي أو (الرابطة): فبؤرة الصراع الأساسية فى المستقبل القريب ستكون بين الغرب والدول الإسلامية الكونفوشيوسية العديدة).
إن الدليل المادى الوحيد الذى يقدمه (هنتنجتون) لتأييد نظريته هو صادرات السلاح التى تقدمها كوريا الشمالية والصين إلى ليبيا، وإيران، والعراق، وسوريا.
وهذه الاتصالات بين النظامين الديكتاتوريين الشيوعيين وليبيا- التي تخضع لحكم القذافى الذى يسير على نهج (نظريات الكتاب الأخضر) التى يعتبرها جميع رجال الدين الإسلامي بدعًا – وكذلك مع نظامى حزب البعث المتنافسين فى دمشق وبغداد، من الواضح تمامًا أنها لاتعبر عن أى تقارب أيديولوجي، أو عن مؤامرة إسلامية كونفوشيوسية، فالأمر لايتعلق سوى بالمادة.
وفضلاً عن ذلك فإحدى المشاكل الداخلية الكبرى التى تواجهها الحكومة الصينية هي الخوف من امتداد الصحوة الإسلامية لتصل إلى شعب يويجور فى سينكيانج، عن طريق بنى جلدتهم من الأتراك فى وسط آسيا، وهذا هو سبب تأييد الصين للهجمات على أفغانستان.
وإلا فيمكننا بالمثل القول بأن مبيعات الأسلحة الأمريكية والفرنسية إلى المملكة العربية السعودية تدل على إقامة تحالف إسلامي مسيحي.
وعلى هذا، فما أوحى به (هنتنجتون) من الصدام بين الحضارات على المستوى الواسع لا يستند إلى أساس سليم.
ويبدو أنه يستند إلى حجة أقوى عندما يزعم أن الصراعات على المستوى الجزئى تتبع (الشروخ) بين مواطن الحضارات.
ويبدو أن الحرب الأهلية في طاجيكستان والصراعات فى القوقاز تؤيد هذه النظرية، بل والأكثر منها الحروب الأهلية فى جمهورية يوغسلافيا السابقة، حيث اتبعت الخطوط الأمامية إلى حد كبير الخط التقليدى الفاصل بين الإمبراطوريات الرومانية الشرقية والغربية، وبين الإمبراطورية العثمانية وإمبراطورية هابسبورج.
غير أن هذه الحجج ذاتها لم تتحر قدرًا كبيرًا من التمحيص، فلم تنشب حرب واحدة خلال القرن الماضى بسبب الصدام بين الحضارات أيّاً كان تعريفها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال