الغربة في المدينة في ظاهرة الشعر الحديث.. المدينة الحديثة لا تناسب واقع الأمة العربية المهزومة

الغربة في المدينة في ظاهرة الشعر الحديث:

آمن الشاعر العربي الحديث بأن هدف الشعر هو تفسير العالم وتغييره، لذا وجد في المدينة المجال الأنسب لتحقيق هدفه، على اعتبار أنها تمثل الوجه الحضاري للأمة بكل أبعاده الذاتية والموضوعية، وتتخذ قناعا سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا.

مدينة بلا قلب:

لكن المدينة العربية فقدت كثيرا من مظاهر أصالتها، حين غزتها المدينة الأوربية، فأضحت بمصانعها الحديثة وعماراتها الشاهقة وطرقاتها الفسيحة، قالبا لا يناسب واقع الأمة العربية المهزومة مما غذى إحساس الشاعر العربي الحديث بالغربة في علاقته بالمدينة مكانا وناسا وقيما وأشياءَ، فكان أن سلك في تصوير هذه المدينة طرقا متعددة، فقد صورها في ثوبها المادي وحقيقتها المفرغة من كل محتوى إنساني، كما فعل أحمد عبد المعطي حجازي في ديوانه (مدينة بلا قلب).

الخلاص يكمن في الموت:

كما اهتم الشاعر العربي الحديث بالناس في المدينة، فقدمهم صامتين يثقلهم الإحساس بالزمن، مشغولين بأنفسهم، لا يكاد يلتفت الواحد منهم إلى الآخر.
ورغم هذه المواقف السلبية من المدينة فإن الشاعر الحديث لم يستطع الهروب منها إلى الريف أو الغاب، كما فعل الرومانسيون، فقد وجد أن المدينة تحاصره، كما عند السياب مع بغداد، إذ وجد أن الخلاص منها يكمن في الموت، كما عند صلاح عبد الصبور في قصيدة (الخروج).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال