العلم ضروري لأي حضارة أو نهضة وقد أدت الحضارة الإسلامية بفتوحاتها العلمية إلى الازدهار الذي بلغته الإنسانية، فقد كان للإنجازات العلمية في مختلف فروع العلم والمعرفة أثرها في إضفاء الصبغة العقلانية التي تميزت بها الحضارة الإسلامية.
كانت هذه الآيات مثابة إعلان عن تاريخ ميلاد مرحلة من مراحل تطور الإنسان وبداية فتح في مجال العلم وتدل دلالة لا تقبل الشك على وجوب العلم وضرورته للإنسان لما فيه من صلاح حال الدنيا والدين.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم {مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة}، ويقول عبدالله بن عمر رضي الله عنه: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجلسين في مسجده، فقال {كلاهما خير، وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء (أهل مجلس العبادة والذكر) فيدعون الله ويرغبون إليه فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء (أهل مجلس العلم) فيتعلمون الفقه والعلم، ويعلمون الجاهل فهم أفضل وإنما بعثت معلماً" ثم جلس بينهم.
جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تدل على فضل العلم والعلماء:
{كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون}.
{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب}.
والعلم هو سبب الإيمان وسبيل التصديق بالدين:
{إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور}.
قال صلى الله عليه وسلم {من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً من طرق الجنة فإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب العلم ليستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر}.
العلم في نظر الإسلام ليس فقط علوم الشرع والدين بل يشمل العلوم الدنيوية التي ترقى بالإنسان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما كان من أمر دينكم فلي، وما كان من أمر دنياكم فأنتم أعلم به}.
برع المسلمون في شتى أنواع العلوم وتجلت عبقريتهم في علوم الطب والفلك والرياضيات، والكيمياء والبصريات، ومن علماء المسلمين الشيخ الرئيس أبو علي ابن سيناء، وجابر بن حيان، وأبو بكر محمد الرازي، وأبو الوليد محمد بن رشد، وأبو بكر محمد بن الصائغ (إبن باجة)، وعبدالله بن أحمد بن البيطار، وأبو مروان عبدالله بن زهر وغيرهم.
كان المسلمون رواداً في علم الفلك وكانوا أول من انشأ المراصد الفلكية لمعرفة حركة النجوم، وقد بنوا في العصور الوسطى عدداً هائلاً من المراصد الفلكية كبيت الحكمة الذي بناه الخليفة المأمون في 218هـ الموافق 833 م، كما وضعوا معظم المصطلحات الحديثة المستخدمة اليوم في علم الفلك.
ويحتوي متحف تاريخ العلوم في إكسفورد على المعدات الفلكية التي صنعها المسلمون وهي تكشف مدى ما وصلت إليه الخبرة الإسلامية الرفيعة في هذا المجال كما كانوا أول من وضع جداولاً دقيقة عن حركة النجوم– ومن العلماء المشهورين في هذا المجال أبو عبدالله البتاني ولا زالت تحمل أسمه حتى اليوم (Albategnius).
تطورت العلوم بفضل علماء المسلمين، وقد ازدهرت العلوم اليوم وبلغ الإنسان مرحلة من العلم في مختلف المجالات حتى وصل الفضاء، بفضل من الله ووحيه، ورغم كل ذلك يظل حظه من العلم قليلاً يقول تعالى {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أتيتم العلم إلا قليلا}.
وسيفتح الله على الإنسان آفاق العلم والمعرفة حتى يرث الله الأرض ومن عليها يقول تعالى: {سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد، ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط}.
التسميات
حضارة عربية إسلامية