نص السؤال:
هل الوراثة وحدها كفيلة بإحداث فروق فردية؟
المقدمة:
الشخصية في نظر علم النفس الحديث هي جملة الخصائص الجسمية والعقلية والاجتماعية التي تحدد هوية الفرد وتميزه عن غيره فالناس وإن كانوا مشتركين في خصائص الجنس البشري كالتنفس والتكاثر والتغذية فإنهم يختلفون فيما بينهم في جوانب كثيرة كالجسمية والعقلية والوجدانية.
فما مصدر هذا التمايز والاختلاف؟
هل يعود إلى تأثير الوراثة إلى تأثير البيئة؟
التحليل:
الفروق الفردية مصدرها العوامل الوراثية:
يؤكد علماء الوراثة والبيولوجيا خاصة "ماندل" على دور تأثير الوراثة في إحداث الفروق الفردية حيث تعمل على نقل الصفات الجسمية كلون البشرة ولون العينين.
كما تنقل الصفات العقلية كالذكاء والمزاج.. عن طريق الصبغيات أو الكروموزومات مما يجعل كل فرد ينطوي على خصائص جسمية وعقلية تميزه عن غيره ويستدل العلماء ببعض الأدلة الواقعية كتفوق أبناء العباقرة على أبناء الفئات الاجتماعية الأخرى في الدراسة حسب بعض التجارب.
كمثال عن التأثير في الجانب العقلي عائلة باخ الألمانية التي بها 57 عبقري وكمثال على التأثير الوراثي في الجانب الجسمي عائلة جيزيو المكسيكية والتي كل أفرادها يكسو الشعر الكثيف أجسامهم.
إن الظروف الفردية لا يمكن ردها إلى العوامل الوراثية وحدها فقط و إلا لماذا تختلف صفات الأخوة والأخوات وحتى التوأم لعل هناك عوامل أخرى لها تأثيرها ومفعولها على الفرد وخاصة العوامل البيئية.
الفروق الفردية مصدرها العوامل البيئية : يؤكد علماء الاجتماع و الأنتروبولوجيا وخاصة "دوركايم" على دور البيئة وخاصة الاجتماعية في إحداث الفروق الفردية وفي بناء شخصية الأفردا حيث يقول "إذا تكلم الضمير فإن المجتمع هو الذي يتكلم فينا".
فالإنسان مدين لبيئته وما دامت البيئة تتميز بالتنوع والتعدد فلا شك أن في ذلك دخل في تكوين فروق واختلاف بين الناس لأن مصير الإنسان متوقف عليها.
فكذلك للبيئة الطبيعية أثرها على الفرد وانطلاقا من اختلاف المناخ والتضاريس وانعكاساته على البيئة الجسمية فسكان الصحراء أجسامهم أضخم من سكان القطبين (أقزام) وعلى القدرات العقلية ( فالمناطق المعتدلة مهد الاكتشافات والاختراعات).
إن الفروق الفردية لا يمكن ردها إلى عوامل بيئية وحدها وإلا لماذا تختلف مستويات الأفراد داخل المجتمع الواحد وحتى داخل العائلة الواحدة . إن الواقع يثبت أن للاستعدادات الوراثية دخل في إحداث التمايز بين الناس.
الفروق الفردية مصدرها الوراثة والبيئة معا:
إن الفروق الفردية لا يمكن ردها إلى الاستعدادات الفطرية و الوراثية وحدها.
كما لا يمكن ردها إلى الشروط الطبيعية والاجتماعية وحدها وإنما إليهما معا لأن مصير الاستعداد الوراثي متوقف على الشروط البيئية.
كما أن التأثير البيئي وخاصة الاجتماعي متوقف على نوع الاستعداد الوراثي بمعنى (الوراثة تحتاج إلى محيط ملائم تنمو فيه وإلا تحجر تضمر).
الخاتمة:
إن الاختلاف والتمايز والتباين في شخصية الأفراد إنما يعود إلى التفاعل الحاصل بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية فالتداخل بينهما كبير و السلوك الفردي نتاج لهما معا.
التسميات
فلسفة