الخطأ من موجبات المسؤولية الطبية المهنية.. الفشل في إتمام عمل مقصود على الوجه المقصود أو استعمال عمل خاطئ لتحقيق هدف ما

الخطأ هو :"ما ليس للإنسان فيه قصد"[1]، وهو مسقطٌ لحق الله تعالى من جهة  الإثم، ولكنه لا يُسقط حق العباد في الضمان، بدليل قوله تعالى: "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم"[2].
فهذا دليل سقوط الإثم، وقوله تعالى:"وما كان لمؤمنٍ أن يقتل مؤمناً إلا خطأً ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلَّمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا "[3].
فهذا دليل ثبوت الضمان على المخطئ، وهذا غاية العدل.
وإذا نظرنا إلى مفهوم الخطأ الطبي حسب تعريف المعهد الطبي الأمريكي نجده ينص على أن الخطأ الطبي هو "الفشل في إتمام عمل مقصود على الوجه المقصود، أو استعمال عمل خاطئ لتحقيق هدف ما"[4].
وهذا يتفق مع ما قررناه إذ أن الطبيب لا يقصد فوات هدف العلاجي.
كما لا يقصد استعمال العمل الخاطئ لتحقيق هدفه العلاجي، ولكن يجب التمييز هنا بين أمرين هما:

1- الخطأ الذي هو من جنس العمل الطبي:
كأن يخطئ في التشخيص ونحوه، فهنا ينظر إلى العرف الطبي.
فإذا كان الخطأ ضمن الحدود المعتبرة من جهة أن هذا التشخيص أو العلاج ظني في الغالب فهنا لا مؤاخذة من جهة مخالفة أصول المهنة، ويؤول الخطأ إلى النوع الثاني الذي نذكره.
وإن كان الخطأ غير مقبول في العرف الطبي كأن يخطئ في التشخيص لأنه لم يستعمل اختباراً مطلوباً في عرف المهنة، فهنا يؤول الخطأ في الحقيقة إلى الموجب الأول وهو عدم اتباع أصول المهنة.
وكلاهما موجب للمسؤولية لكن الفرق في الآثار المترتبة على المسؤولية من جهة الضمان فقط أو الضمان مع التعزير.

2- الخطأ الذي ليس من جنس العمل الطبي:
كأن تزل يد الطبيب أثناء الفحص أو الجراحة فيضر بالمريض وهذا من جنس الجناية الخطأ لاعلاقة له بخصوص المهنة، والحكم فيه هو الحكم في جناية الخطأ من حيث ثبوت الضمان وسقوط الإثم ولا يستوجب تعزيراً.
[1] التعريفات – الجرجاني - 85
[2] سورة الأحزاب – آية 5
[3] سورة النساء – آية 92
[4] تقرير معهد الطب الأمريكي بعنوان: To Err is Human, November, 1999
أحدث أقدم

نموذج الاتصال