الحرية والتحرر: المجتمع بالنسبة للفرد أداة قمع أم أداة تحرر.. المجتمع قد يحد من حريات الأفراد كما قد يمكنهم من الاستمتاع بحرياتهم

الحرية والتحرر: المجتمع بالنسبة للفرد أداة قمع أم أداة تحرر:

نص السؤال:
هل المجتمع بالنسبة للفرد أداة قمع أم أداة تحرر؟

المقدمة:
يقوم المجتمع الحديث على علاقات اجتماعية متينة أهم حلقاتها الفرد من جهة والمجتمع من جهة أخرى.

وبما أن حياة الأفراد لا تنتظم إلا في أطر اجتماعية فإن علاقة الفرد بالمجتمع بقيت محل نقاش بين الفلاسفة والعلماء حيث ينظر البعض إلى أن المجتمع يلعب دورا فعالا في نمو قدرات الأفراد وتفتح مواهبهم لكن البعض الآخر يرى أن المجتمع يشكل عائقا أمام حريات الفرد.
فهل يعتبر المجتمع أداة تحرر الأفراد أم قشرة ضاغطة عليهم؟

التحليل:
المجتمع أداة قمع وضغط على الفرد:
يذهب بعض الفلاسفة إلى أن المجتمع يلعب دورا سلبيا في حياة الفرد حيث أوجد القوانين الاجتماعية والقيم الأخلاقية للضغط على الأفراد والحد من حرياتهم.

ولعل أهم من مثل هذا الرأي الفيلسوف الروحي صاحب النزعة الفوضوية "باكونين" الذي يرى أن قيادة الجنس البشري إلى مملكة الحرية لا يكون إلا باستبعاد مبدأ السلطة من حياة الناس وعلى رأسها الدولة.

كما نجد هذا الموقف عند أنصار الاشتراكية في صراعهم ضد المجتمع البورجوازي.

النقد:
لكن المجتمع لا يحد دائما من حريات الأفراد، خاصة في المجتمعات الديموقراطية أين يصبح دور المجتمع مساعدة الأفراد على إبراز قدراتهم.

المجتمع أداة تحرر وتفتح للأفراد:
يذهب البعض الآخر من الفلاسفة إلى أن المجتمع يلعب دورا إيجابيا في حياة الأفراد حيث يضمن حرياتهم الفردية خاصة الحرية المدنية التي تسمح للأفراد بالاستمتاع بحقوقهم المدنية في ظل القانون.

"فالإنسان مدني بالطبع" على حد تعبير ابن خلدون فما القيم الأخلاقية والقوانين الاجتماعية وما يعرف بالحقوق والواجبات إلا أطرا لحماية للحريات الفردية داخل المجتمع، وأكثر من ذلك إن حرية الفرد لا تتحقق إلا داخل المجتمع، فالمجتمع ضرورة تحتمها طبيعة الإنسان.

- لكن القوانين الاجتماعية غالبا ما تكون صادرة عن طبقة مسيطرة مما يجعلها قائمة على التعسف و لا تراعي مصلحة الجميع.

المجتمع قد يحد من حريات الأفراد كما قد يمكنهم من الاستمتاع بحرياتهم:
إن الناس يختلفون في نظرتهم إلى الحرية باختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم ولعل النظرة السليمة أنى يتمتع الإنسان بحرياته مع مراعاة حريات الآخرين ما دام يعيش معهم في محيط واحد، وقد جاء في المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته للقيود التي يعينها القانون".

والغرض من التقيد بالقانون ضمان الاعتراف بحقوق الغير، واحترام حرياته وتحقيق ما يقتضيه النظام العام من شروط عادلة .

الخاتمة:
إن المجتمع أصلا يعمل على تحقيق الحريات الفردية إلا أنه أحيانا يحد من حرياتهم واستعداداتهم خاصة عندما تكون القوانين جائزة لا تخدم الصالح العام وعموما حرية الإنسان تبقى نسبية لا مطلقة "فحريتي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال