تعتبر إيران هي الشريان لحزب الله وهي المركز الرئيس لحزب الله الذي يصدر عنه الأوامر.
و«يلعب حسن نصر الله دور صلة الوصل بين إيران وقواتها في لبنان»([1]).
وفي إحدى المناسبات في تاريخ 5/3/1987 م قال الناطق باسم حزب الله في ذلك التاريخ إبراهيم الأمين: «نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران»([2])، ويقول حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله: «إننا نرى في إيران الدولة التي تحكم بالإسلام والدولة التي تناصر المسلمين والعرب، وعلاقتنا بالنظام علاقة تعاون، ولنا صداقات مع أركانه ونتواصل معه، كما أن المرجعية الدينية هناك تشكل الغطاء الديني والشرعي لكفاحنا المسلح»([3]).
ويقول الشيخ حسن طراد - إمام مسجد الإمام المهدي: «إن إيران ولبنان شعبٌ واحد، وبلدٌ واحد، وكما قال أحد العلماء الأعلام: إننا سندعم لبنان كما ندعم مقاطعاتنا الإيرانية سياسياً وعسكرياً»([4]).
يقول إبراهيم الأمين:
«نحن نعيش في غيبة الإمام المنتظر، فالقيادة في هذا العصر تتمثل في قيادة الفقهاء العدول.
هذه أهم خاصية من خصوصيات حزب الله التي تعلم ارتباط الشعب بالمرجع الفقيه العادل، فحزب الله على مستوى الحركة يتحرك في إطار القرارات الصادرة من المرجع»([5]).
ويقول نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني([6]): «نشأت العلاقة بين حزب الله وإيران بسعي الحزب للاستفادة من هذه التجربة الجديدة في منطقتنا (يقصد قيام الخميني بتأسيس دولة ولاية الفقيه في إيران) ولتأمين النصير في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وقد نمت هذه العلاقة بسرعة وثقة وتراكمت إيجابياتها من اللحظة الأولى وذلك لأسباب عدة أهمها:
1- إيمان كل من الحزب وإيران بنظرية ولاية الفقيه، وأن الإمام الخميني هو القائد الولي الذي يترجمها في عصرنا الحديث مما أدى إلى الالتقاء في إطار القيادة العالمية الشرعية الواحدة.
2- اختيار إيران لنظام الجمهورية الإسلامية في الحكم وهو يلتقي مع المبادئ الإسلامية التي يؤمن بها حزب الله. فهو انسجام نظري في الخطوط العامة، لأن تفاصيل التطبيق تخضع للخصوصيات الموجودة في كل من لبنان وإيران.
3- الانسجام السياسي بما أنتجته إيران من رفض لهيمنة الاستكبار والحرص على الاستقلال ودعم حركات التحرر وخاصة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وهي الرؤيا التي يحملها حزب الله في أولوية مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وما تستلزمه من رفض لمشاريع الاستكبار.
إن إيران تمثل تجربة حيّه في التطبيق الإسلامي[!!] يراقبها ويتأملها كل مسلم ملتزم بالإسلام.... إلى قوله:
كما يمثل حزب الله تجربة رائدة في المقاومة وقد أحرز إعجاب إيران الدولة والشعب... إلى قوله: عندما حرر حزب الله جنوب لبنان والبقاع الغربي بدعم إيراني مؤثر فقد حقق هدفه الذي أعلنه وبذل الشهادة من أجله، وحققت إيران هدفها في رفض الاحتلال ونصرة المجاهدين، وهذا كسب لحزب الله ولبنان وكسب لإيران».انتهى
وحتى تعرف حقيقة إيران وحقيقة أكذوبة عداوتها لليهود، وأن الخطابات التي نسمعها في الهجوم على دولة إسرائيل هي في الحقيقة (ذر للرماد في العيون) انظر ماذا يقول الصحفي اليهودي (يوسي مليمان):
«في كل الأحوال فإن من غير المحتمل أن تقوم إسرائيل بهجوم على المفاعلات الإيرانية، وقد أكد عدد كبير من الخبراء تشكيكهم بأن إيران - بالرغم من حملاتها الكلامية - تعتبر إسرائيل عدواً لها. وإن الشيء الأكثر احتمالاً هو أن الرؤوس النووية الإيرانية هي موجهة للعرب»([7]).
ومما يدل على ذلك أن حزب الله يفتقر إلى برنامج سياسي ورؤية فكرية واضحة مستقلة عن وجهة النظر الإيرانية ومراعية للخصوصيات العربية والإسلامية، وإلى تجربة سياسية تقليدية تملك تاريخاً وجذوراً محلية، وإلى بنية تنظيمية واضحة فيها آلية معروفة لاتخاذ القرار([8]).
فمنذ البداية لعبت إيران دوراً أساسياً في ولادة الحزب ونشأته، فالسيد حسين موسوي - العضو القيادي السابق في أمل، ومؤسس حزب الله - وصف اشتراك رئيس حركة (أمل) في (هيئة الإنقاذ) بأنه سلوك غير إسلامي([9])، وقال:
«إن هذا النعت - أي كونه غير إسلامي - يصدر عن قيادة إيران، لأن الذي يقرر ما هو إسلامي وما هو غير إسلامي هو الثورة الإسلامية التي أعلنا جميعاً في حركة (أمل) في المؤتمر الرابع للحركة في: مارس/آذار 1982 أننا جزء لا يتجزأ من الثورة الإسلامية»([10]).
وما ذُكر يبيّن لنا كذب المدعو حسن نصر الله وتدليسه في المقابلة التي أجراها في جريدة الوسط بتاريخ 18/3/1996 م وقال فيها:
«إن تأسيس الحزب كان لبنانيّاً والقرار لبنانيّاً والإرادة لبنانية، أما الدور الإيراني أو السوري فقد جاء لاحقاً».
ومما يؤكّد أن حزب الله هو ابن إيران ما قاله الأمين العام السابق لحزب الله: صبحي الطفيلي في لقاء معه «إنّه كان في زيارة إلى الجمهورية الإيرانية واتفقوا على إنشاء مقاومة في لبنان، وبدأ الحزب عمله وأتى آلاف الإيرانيين ليقوموا بمهمة الدعم والتدريب لهذا الحزب»([11]).
وقامت إيران بإرسال الحرس الثوري إلى لبنان للقيام بالتأسيس الفعلي لحزب الله، والمساعدة في تدريبه ودعمه، وكان عدد المُوفدين من الحرس الثوري الجمهوري 2000 شخص، كما قام الحرس الثوري الجمهوري الإيراني بدوره في نشر عقيدته في وادي البقاع اللبناني والمناطق التي يسيطر عليها الحزب، وأسّسوا المستشفيات والمدارس والجمعيات الخيرية([12]).
كما يوجد مكتب خاص بحزب الله في طهران([13])، يقوم بنشر الرسائل والمنشورات التي تعرّف به وبأعماله وبرؤاه الخاصة، كما يقوم باستقبال الأوامر والقرارات التي تصدر من مصادر القرار في إيران.
وحزب الله يقرّر في كتبه «أن الولي الفقيه هو الذي يملك قرار الحرب أو السلم»([14]).
لأنه «لا علاقة لموطن الولي الفقيه بسلطته» النافذة على الشيعة في مختلف دول العالم، «فالإمام الخميني كان يدير الدولة ويحدد التكليف السياسي! لعامة المسلمين الشيعة في البلدان المختلفة في معاداة الاستكبار»([15]).
وهذا الكلام، يفسّر لنا انقياد الشيعة لأمر قائد الثورة الشيعية في إيران، وارتباطهم الوثيق به، وتنفيذهم لأجندته ومصالحه، خصوصاً من المنظمات والحركات التي تتبع الجمهورية الإيرانية بشكل مباشر، مثل حزب الله وفروعه، وغيره.
([1]) أمل وحزب الله في حلبة المجابهات لتوفيق المديني ص 139.
([2]) جريدة النهار 5/3/1987.
([3]) مجلة المقاوم، عدد 27 ، ص 15 - 16. (نقلاً عن كتاب: حزب الله رؤية مغايرة، ص 32).
([4]) جريدة النهار اللبنانية 11/12/1986 م.
([5]) الحركات الإسلامية في لبنان، 146 - 147.
([6]) في كتابه: (حزب الله .. المنهج .. التجربة .. المستقبل) ص 340.
([7]) نقلاً عن لوس أنجلس تايمز ... جريدة الأنباء العدد (7931).
([8]) قال ذلك د.غسان العزي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، في كتابه: حزب الله من الحلم الإيديولوجي إلى الواقعية السياسية ص 9.
([9]) هذه إحدى الشماعات التي علقها الحزب في انشقاقه عن (أمه) حركة أمل الشيعية، ومما يؤكّد أنّ هذا غير صحيح ما صرّح به المفتي الشيعي عبدالأمير قبلان باسم المجلس الشيعي الأعلى: (إن حركة أمل هي العمود الفقري للطائفة الشيعية، وإن ما تعلنه أمل نتمسك به كمجلس شيعي أعلى، ومن ثم فإن ما يعلنه المجلس الشيعي تتمسك به الحركة) مجلة المستقبل، عدد 346، تاريخ 8/10/1983 (نقلاً عن: أمل والمخيمات الفلسطينية ص 184).
([10]) انظر: (الحركات الإسلامية في لبنان) - ملف الشراع - بتاريخ 1984 - ص 222،223.
([11]) لقاء مع صبحي الطفيلي في قناة الجزيرة 23/7/2003 م، وبإمكانك مشاهدة النص كاملاً على موقع القناة على الإنترنت.
([12]) الحرس الثوري الإيراني، كينيث كاتزمان، ص 139، ص 192.
وأيضاً: الإسلاميون في مجتمع تعددي، د.مسعود أسد اللهي، ص 330.
([13]) الإسلاميون في مجتمع تعددي، د.مسعود أسد اللهي، ص 36.
([14]) كتاب: حزب الله، لنعيم قاسم - نائب الأمين العام لحزب الله -، ص 72.
([15]) المصدر السابق، ص 75.
التسميات
حزب الله