صعوبات تدريس النصوص الفلسفية المرتبطة بالخطاب الفلسفي.. مشكل الزوج المفاهيمي واختلاف المواقف وتعارضها وصعوبة استخراج إشكالية النص

لما كان المطلوب هو قراءة النص الفلسفي قراءة فلسفية قصد استخراج بنيته المفاهيمية، وإشكاليته، وكذا ترسانته الحجاجية، وفي غياب وصفات جاهزة يتبعها المتعلم، ومع استحالة وجود نص متوفر على صفة الجاهزية، وفي غياب مقاربة إجرائية واحدة وموحدة لتناول النص الفلسفي قد تعترض المتعلم وهو يحاور ويقرأ الفيلسوف من خلاله النص بعض العوائق منها:

1- مشكل القراءة:
وما يثيره من مشاكل، وهنا نميز بين مستويين في فعل القراءة:
- المستوى الأول وهو عام، إذ يتمثل في التساؤل حول الأدوات التي حاول الفلاسفة استعمالها.

- المستوى الثاني وهو مستوى أكثر خصوصية، ويتعلق ببيداغوجيا النص الفلسفي، وفي هذه المرحلة يتأسس دور الأستاذ في تهيئ المتعلم لفعل القراءة.

2- مشكل الزوج المفاهيمي:
الشكل/ المضمون، حيث تم التعود على الاهتمام بالمضمون دون الاهتمام بالشكل.
وعليه فمن الأجدر الاهتمام أيضا بأشكال الاستعارة والمجاز والتمثيل والتشبيه..، إذ أن هذه المظاهر الشكلية تغلف المضمون وتصونه، وتدعم حجاج النص.

3- مشكل الزوج المفاهيمي: سؤال/ جواب:
ذلك أنه لما كان النص الفلسفي مناسبة سانحة للقاء بين المتعلم والفيلسوف.
ولما كان أداة أساسية لتشغيل المتعلمين، فإن للسؤال أهمية كبرى داخل الحقل الفلسفي منذ سقراط إلى الفلسفة المعاصرة.

غير أن قلق السؤال يزعج المتعلم والأستاذ فيدفع بهما إلى الإجابة لا من داخل النص، بل انطلاقا من تاريخ الفلسفة، وانطلاقا من الدروس الإلقائية.

4- اختلاف المواقف وتعارضها:
مما يجعل المتعلم في حيرة من أمره، وأي طريق سيسلك؟!.

5- أن طبيعة النص لا تعني المتعلم مباشرة:
فهو لم يكتب من أجل المتعلم بمواصفاته التشخيصية التي أوردناها فيما قبل.

6- صعوبة اختيار النص الفلسفي:
باعتبار أن النص الفلسفي ليس نصا جاهزا، بل هو إعادة إنتاج  لكون مدرس الفلسفة ليس منتجا كاتبا للنص، لأن الفيلسوف أو مؤرخ الفلسفة هو المنتج والكاتب، غير أن المدرس عندما يبحث عن نص ما.. على ضوء الموقع الذي سيشغله النص داخل الدرس وعلى ضوء الوظيفة التربوية والمعرفية التي يحققها بالنسبة للمتعلم ..

إن المدرس عندما يمارس هذا النوع من البحث عن النص فإنه يمارس –ضرورة- اختيار النص الملائم، مما يجعل الاختيار ذاك إعادة إنتاج من طرف المدرس لـ "نص" أنتج من فيلسوف أصلا.

7- صعوبة استخراج إشكالية النص:
خصوصا عندما يغيب السؤال في النص، أو يكون النص مجرد سرد ملخص، فيتم الخلط بين الإشكالية وبين الافتراضات، أو بين الإشكالية وبين الإشكالية المضادة.

8- صعوبة استخراج المفاهيم:
ذلك أن الجهاز المفاهيمي واستعماله الفلسفي للغة لا يتجلى إلا من خلال مجموعة من النصوص، لا من خلال نص قصير مقتطف من بنيته.

كما تظهر صعوبة المفهمة عندما لا تكون موضوعات النص تخضع فيما بينها لعلاقات ناظمة، وعندما يأخذ المتعلم كلمات النص في معناها المعتاد.

وهذه الصعوبة ترتبط أيضا بانعدام لغة فلسفية تقنية موحدة، ولأجل هذا كان أندريه لالاند في معجمه الفلسفي مضطرا إلى تقديم عدة تحديدات للمصطلح الواحد، بسبب اختلاف استعماله من فيلسوف لأخر، ومعنى هذا أن كل فيلسوف يشتغل على اللغة بإدخال علاقات دلالية جديدة.

9- صعوبة استخراج حجاج النص:
وخاصة إذا غابت تمفصلات النص أو حينما  تكون حركيته مجزأة إلى محطات متتالية.. بحيث لا يكون هناك تصميم أو انتقادات، وكذلك عندما لا يتم التعرف جيدا على أطروحة النص.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال