تقادم دعوى المضرور المباشرة في مواجهة المؤمن.. الدعوى المباشرة للمضرور من حوادث السيارات في مواجهة المؤمن (شركة التأمين) تتقادم بمضي ثلاث سنوات

تقادم دعوى المضرور المباشرة في مواجهة المؤمن:
تقادم هذه الدعوى يثير العجب حيث أن الرأي قد يصل إلى درجة الإجماع في الفكر القانوني على أن الدعوى المباشرة للمضرور من حوادث السيارات في مواجهة المؤمن (شركة التأمين) تتقادم بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الفعل الضار.

وإن كانت محكمة النقض ترى، وفقاً لحكم [المادة (752/ب) مدنى]، أنه يجب أن يبدأ سريان التقادم من تاريخ توافر العلم الحقيقي لدى المضرور بوقوع الحادث ([1]).

في الوقت الذى تتقادم فيه دعوى المضرور في مواجهة المدعى عليه (المسئول) بمضي ثلاث سنوات من تاريخ العلم بالضرر والمسئول عنه.

وفى تقديرنا أن هذا الرأي محل نظر للآتي:
- أولاً: أن الأخذ به يجعل أن الدعوى المباشرة للمضرور في مواجهة المؤمن (شركة التأمين) تسقط في الوقت الذى تظل فيه دعوى التعويض في مواجهة المسئول (المؤمن له) قائمة.

فكيف يكون ذلك؟
فالمؤمن له لم يقم بإبرام عقد التأمين مع المؤمن والوفاء له بالأقساط التأمينية إلا من أجل تفادى الخطر المؤمن منه وهو مطالبته بالتعويض.

وفي منطق هذا الرأي قد يتحقق هذا الخطر ولا يستطيع المضرور أو المسئول مطالبة المؤمن بمبلغ التعويض، متى انقضت مدة الثلاث سنوات من تاريخ العلم بوقوع الفعل الضار.

لأن الثاني لا يستطيع المطالبة بمبلغ التأمين إلا إذا قام بالوفاء به للمضرور أو طالبه به - وفي هذه الحالة - يتحقق الخطر المؤمن منه.

والأول لا يستطيع مطالبة المؤمن بالتعويض إلا إذا توافر لديه العلم الحقيقي بالضرر والمسئول عنه، وقد يعلم بالضرر ولا يعلم بهذا المسئول خلال هذا الأجل وقد يعلم به بعد ذلك.

- ثانياً: المادة (752) مدنى بعد أن وضعت، بفقرتها الأولى، القاعدة العامة لتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت وقوع الفعل الضار. قررت في فقرتها الثانية عدم سريان هذه المدة في حالتين ما يخصنا منها ما ورد بالبند (ب) الذى ينص على أنه "في حالة وقوع الحادث المؤمن منه إلا من اليوم الذى علم فيه ذو الشأن بوقوعه".

والسؤال الذى يطرح نفسـه، في هذا الصدد، هو ما هو الحادث المؤمن منه (الخطر المؤمن منه) في نطاق التأمين الإجباري من المسئولية عن حوادث السيارات؟ هل هو وقوع الحادث؟ أم المطالبة بالتعويض؟.

المنطق القانوني يقتضى عند الإجابة القول بأن هذا الخطر لا يتحقق بوقوع الحادث، إنما يتحقق بالمطالبة بالتعويض.

لأن تحقق الأول بدون تحقق الثاني لا يحقق الخطر المؤمن منه، والقول بعكس ذلك يؤدى إلى القول بأن المؤمن يضمن للمؤمن له عدم وقوع الفعل الضار وهذا الأمر ليس في مقدور البشر.

ومن ثم فإن المؤمن يؤمن المؤمن له من تعرضه للمطالبة بالتعويض  وبناء ذلك يكون الخطر المؤمن منه هو المطالبة بالتعويض لا وقوع الفعل الضار.

وفي ضوء هذه النتيجة وحكم البند (ب) آنف الذكر يمكن القول بأن تقادم الدعوى المباشرة التي للمضرور في مواجهة المؤمن (شركة التأمين) تسقط  بأقصر الأجلين:
- أجل تقادم دعوى التعويض التي للأول في مواجهة المسئول (المؤمن له).
- أو بمضي ثلاث سنوات من تاريخ تحقق الخطر المؤمن منه.
 والقول بغير ذلك يؤدى إلى أن يثرى المؤمن على حساب المؤمن له بلا سبب.

([1]) نقض مدنى في الطعن رقم 1072 لسنة 64 ق - جلسة 15/1/1995 (منشور بمجلة القضاة، السنة الثامنة والعشرون - العدد الأول والثاني - يناير ديسمبر 1996).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال