إن المشرع وهو بصدد تنظيم عقد التأمين تنظيماً خاصاً باعتباره أحد العقود المسماة،وضع تعريفاً له من خلال بيان أطرافه وتحديد الآثار المترتبة عليه [المادة (747) مدنى ([1])].
فهذا التعريف تضمن بيان العناصر الأساسية أو الجوهرية لعقد التأمين، من حيث الأطراف (المؤمن والمؤمن له) ومن حيث المستفيد سواء أكان هو المؤمن له أم كان شخصاً ثالثاً عين فى العقد مستفيداً (الاشتراط لمصلحة الغير) [المادة (154/1) مدنى ([2])]، ومن حيث التزام المؤمن بتغطية الخطر المؤمن منه، والتزام المؤمن له بدفع الأقساط ([3]).
وهذا التعريف يعد جامعاً لأنه لم يقيد عبارته فى أن الهدف من التأمين هو التعويض عن خسارة احتمالية قد تصيب المؤمن له من تحقق الخطر المؤمن منه. بل أطلقها لكى تكون صالحةً لجميع أنواع التأمين، سواء أكان تأميناً على الأشخاص، أم كان تأميناً من الأضـرار([4]).
غير أن الفقه القانونى ينتقد هذا التعريف على أساس أنه أغفل بيان الأسس الفنية التى يقوم عليها التأمين ([5]).
وفي تقديرنا أن هذا الانتقاد فى محله، لأن هناك فارق بين تعريف التأمين وتعريف عقد التأمين الذى يمثل العلاقة القانونية بين طرفيه (المؤمن والمؤمن له) باعتبارها أحد جانبى التأمين ([6]) فإذا أضفنا إليه الأسس الفنية اكتمل للتامين جانبيه.
فهذه الأسس، وإن كانت لازمة لخلو التأمين من المقامرة والرهان، إلا أنها ليست لازمة لقيام عقد التأمين وليست من عناصره الجوهرية ولا تذكر فيه بالكلية. لأن المؤمن يقوم بالعملياتالإحصائية والرياضية بعيداً عن العقد.
فضلاً عن كونها تدخل فى الدراسة التجارية أكثر منها فى الدراسة القانونية.
بالإضافة إلى ذلك فهناك نقد آخر يوجه إلى المشرع هو قيامه بوضع تعريف للعلاقة التى ينظمها قانوناً، فهذا ليس من مهمته، والقيام به يجعل النص جامداً عند المعنى الضيق للعبارة التى صب فيها فالتعريف والتأصيل مهمة أصيلة للفقه القانونى.ومع ذلك فإنه يمكن التماس العذر للمشرع، فى تعريفه لعقد التأمين، لأمرين هما: الحداثةالنسبية للتأمين. والجدل الذى أثير حول مدى مشروعيته.
([1]) تنص المادة (747) مدنى على "أن التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدى إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذى اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيرادا مرتباً أو أى عوض مالي آخر فى حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد، وذلك نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمـن.
وتنص المادة (920) مدنى أردنى على أن "التأمين عقد يلتزم به المؤمن أن يؤدى إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذى اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أى عوض مالى آخر فى حالة وقوع الحادث المؤمن ضده أو تحقق الخطر المبين فى العقد وذلك مقابل مبلغ محدد أو أقساط دورية يؤديها المؤمن له للمؤمن".
وتنص الفقرة الأولى للمادة (1026) من قانون المعاملات المدنية الإماراتى على أن "1- التأمين عقد يتعاون فيه المؤمن لهم والمؤمن على مواجهة الأخطار أو الحوادث المؤمن منها وبمقتضاه يدفع المؤمن له إلى المؤمن مبلغاً محدداً أو أقساطاً دورية، وفي حالة تحقق الخطر أو وقوع الحدث المبين فى العقد يدفع المؤمن إلى المؤمن له أو المستفيد الذى اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً أو مرتباً أو أى حق مالى آخر".
تنص المادة (475) من قانون المعاملات السودانى على أن " التأمين عقد يلتزم به المؤمن أن يؤدى إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذى اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أى مقابل مالى آخر فى حالة وقوع الحادث المؤمن ضده أو تحقق الخطر المبين فى العقد وذلك مقابل مبلغ محدد أو أقساط دورية يؤديها المؤمن له للمؤمن".
([2]) تنص الفقرة الأولى للمادة (154) مدنى على أنه "1- يجوز للشخص أن يتعاقد باسمه على التزامات يشترطها لمصلحة الغير، إذا كان له فى هذه الالتزامات مصلحة شخصية مادية كانت أو أدبية".
([3]) د/ عبد الرزاق أحمد السنهورى، مرجع (8)، ص 1086، ف 542؛ ود/ حسام الدين كامل الأهوانى، مرجع (5)، ص 13.
([4]) د/ برهام محمد عطا الله، التأمين من الوجهة القانونية والشريعة، ص8 غير مدون عليه تاريخ النشر ولا محله ولا الناشر.
([5]) د/ محمد حسام محمود لطفى، الأحكام العامة لعقد التأمين – دراسة مقارنة بين القانونين المصرى والفرنسى، ص 6، ط 2، سنة 1990 غير مدون عليه اسم الناشر أو محل النشر؛ ود/ حسام الدين كامل الأهوانى، مرجع (5)، ص 14؛ ود/ أحمد شرف الدين، مرجع (4) ص 14، ف 7؛ وجمال الحكيم، عقود التأمين من الناحيتين التأمينية والقانونية، ج1، ص 32، دار المعارف، القاهرة 1965.
([6]) أنظر قرب هذا المعنى د/ عبد القادر العطير، التأمين البرى فى التشريع الأردنى، ص 18، ف 4، مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، عمان – الأردن – 1415هـ / 1995م.
التسميات
عقد التأمين