مبدأ التعاون في التأمين:
يقوم التأمين وبصورة عامة وعلى مختلف انواعه على مبدأ التعاون، ذلك المبدأ الذي عَرَفته المجتمعات القديمة، والذي كان وكما يبدو الوسيلة التي يلجأ اليها افراد المجتمع الواحد من اجل درء الاخطار التي لحقت باحد افراده من خلال إسهام الاخرين بتحمل الضرر عن طريق التعاون والتضامن.
توزيع عبء الخطر:
إذ أنَّ مبدأ التعاون يُعدّ الاساس الفني الذي يقوم عليه التأمين، وأنَّ المؤمن يقوم بتنظيم تعاون مجموعة الافراد المعرضين لأحطار متماثلة وذلك بالمقاصة بين هذه الاخطار، ويتم هذا عن طريق جدول الإحصاء.
لذلك نجد ان هناك من يذهب الى القول أَن التعاون هو أساس التأمين، فبأنتفاء التعاون ينتفي التأمين.
وبهذا نجد أنّ التعاون او (عملية توزيع عبء الخطر) على مجموع الافراد قد ظهر قبل ظهور التأمين كمؤسسة منظمة متخصصة في تحمل اخطار البحر بصورة فنية وعلمية وعملية تقوم على أُسس قانونية محددة.
ما هو التأمين البحري؟
واذا كان التأمين وعلى مختلف أَنواعه يقوم على الأساس نفسه إلا أن التأمين البحري يعدُّ سابقاً في الظهور على باقي انواع التأمين.
فالتأمين البحري الذي هو عبارة عن ضرب من ضروب التأمينات بوجه عام، ووسيلة من وسائل إدارة الخطر من خلال العقد الذي يلتزم بمقتضاه المؤمن بتعويض المؤمن له عن تضرر الرسالة البحرية بسبب تحقق أحد الاخطار المؤمن منها مقابل جعل قسط يلتزم المؤمن له يدفعه المؤمن، يعدُّ من أقدم انواع التأمين ويرجع ذلك لارتباطه بعملية النقل البحري، وهذا لايعني ان عملية النقل البحري اقدم من النقل البري، ولكن كل ما هناك انّ النقل البحري تكون أحتمالية نسبة وقوع الخطر فيه اكبر مما في النقل البري.
ونلحظ أنَّه إلى وقتنا هذا لا يعُرف تأريخ نشوء التأمين البحري، ولا مكان ظهوره على درجة كبيرة من الدقة.
التخلص من الأضرار:
ولكن الرأي الغالب أَنّ التأمين البحري بفكرته البسيطة كان معروفاً في العصور القديمة، وإِنَّ أولَ ظهور له كان في مسلة حمورابي عام (2250) قبل الميلاد، بعد أن استحوذت فكرة الخطر البحري على الكثير من المفكرين الذين حاولوا إيجاد وسيلة للتخلص من الاضرار التي يمكن ان تلحق بالفرد عند اصابة ذمته المالية بالخطر.
ويلحظ أنَّ فكرة التأمين البحري مستوحاة من عقد القرض (الذي يكون على السفينة أو على البضاعة)، ويقوم القرض على قيام شخص بتقديم قرض للمجهز (بالنسبة للسفينة) أو للشاحن (بالنسبة للبضاعة) بمبلغ من النقود ويقوم الأخير (المجهز/ الشاحن) برد ما تم دفعه من مبالغ القرض للمقرض في حالة وصول السفينة او البضاعة من دون ضرر أو تلف مع فائدة معينة تُحدَد على وفق الاتفاق المسبق ما بين الطرفين.
تعويض التأمين:
وفي حالة تعرض السفينة او البضاعة للخطر فأن المقترض (المجهز، الشاحن) يعفى من رد ما اخذه من مبلغ القرض.
وعند المقابلة ما بين العقدين (عقد القرض بنوعيه وعقد التأمين البحري المعروف اليوم)، نجد ان المقرض يقوم مقام المؤمن، والمبلغ الذي تم دفعه الى المقترض هو بمثابة تعويض التأمين.
أما ما يحصل عليه المقرض من فائدة فهو بمثابة قسط التأمين الذي يلتزم المؤمن له بدفعه للمؤمن.
وبسبب إِلاتصال التجاري الذي كان يربط بين الجماعات القديمة، انتقلت فكرة القرض البحري من البابليين الى الفينيقيين والهنود والإغريق والرومان بعد ذلك.
نظام حديث:
وإِذا كان هناك جانباً من الفقه الفرنسي يرى أَنَّ من غير الصحيح البحث عن اصل التأمين في المجتمعات البدائية.
إذ أن التأمين وبصورة عامة جاء نتيجة للتطور في الظروف الاقتصادية والاجتماعية في التجارة، والتجارة البحرية بصورة خاصة، لأن التأمين لم يكن من وضع مشرع أو فقيه بل هو نظام حديث نسبياً.
ومع أَنَّ هذا الرآي قد أنكر وجود التأمين في المجتمعات القديمة بوصف التأمين كنظام قانوني لم يكن من وضع تشريع او فقيه معين، ولكن هذا لايعني أن هذا النظام المتكامل لم تكن له جذور تاريخية نشأ عنها او فكرة معينة، قد استقى مبادئه منها.
أصول تاريخية:
فالتأمين البحري المعروف لدينا اليوم يرتبط بفكرة القرض البحري التي عرفتها المجتمعات القديمة.
إلا أن التأمين كعملية لتوزيع عبء الخطر تعود الى نهاية القرن الثاني عشر، إذ مارسه جماعة اللومباردين سكنة المدن الشمالية في إيطاليا المعروفة باللومباردٍ، ثم عُرِفَ في فلورنسا وجنوا، حينما كانت المدن المذكورة مركزاً للتجارة ثم للتأمين البحري، وبذلك يعدُّ اللومبارديون أول من أمن على البضائع.
التسميات
تأمين بحري