نقدم فيما يلي وقبل استعراض الملامح العامة لنموذجنا المقترح، بعض الملاحظات التي استخلصناها من قراءة بعض "النماذج" السائدة في عالمنا العربي، نختصرها في النقاط التالية:
1- نلاحظ عدم اتفاق النماذج بشكل عام، حول تعريف الكفايات، حيث يعرفها "دليل دائرة الإشراف التربوي" (عمان 2005) على سبيل المثال، بكونها "مجموعة الأدوات الوظيفية التي يقوم بها المشرف خلال تأديته لأدواره المتعددة"، ويقترح تصنيفها (لكفايات) حسب المهمات المرتبطة بها، وبالتالي تمييز واضح بين الكفايات وبين المهمات.
في حين يتبنى ذوقان عبيدات (الأردن 1971) والذي يعتبر بحق من الرواد الأوائل في الاهتمام بتنظيم وتصنيف كفايات المشرف التربوي في الوطن العربي، التعريف التالي: "الكفاية هي القدرة على أداء المهام الموكولة إلى المعلم بمستوى معين من الإتقان يضمن تحقيق النتاجات المطلوبة في سلوك المتعلمين"، وهنا شبه تطابق بين الكفايات والمهمات.
أما بالنسبة للدرفوفي (المغرب1991) والزري (الإمارات 2000) فإننا لم نتمكن من استخلاص تعريف واضح للكفايات في مؤلفيهما، حيث يسود نوع من التشويش المفاهيمي والباراديكمي (النموذجاتي) الواضح لديهما.
- ذلك ما لاحظناه بصفة عامة على معظم التصنيفات، فبالرغم من محاولة بعضها تعريف الكفايات بشكل سريع وربما بشكل سطحي ،نلمس عدم وضوح المفهوم وسيادة نوع من الضبابية والاضطراب في استعمال مفهوم الكفاية وأخواتها (القدرة، المهارة ...) المرتبطة بشكل عام بالتعليم و بمجال الإشراف التربوي:
والأمثلة على هذا كثيرة، تتجلى في الخلط بين:
- مؤهلات وسمات الشخصية و مواصفات الخريج و كفاياته...؛
- عدم التمييز بوضوح بين القدرات و الإمكانيات والمهارات و الإجراءات وبينها وبين الكفايات؛
فهل يمكن على سبيل المثال ، اعتبار العبارات التالية كفايات؟
- "امتلاك المراجع ذات الصلة بمادة التخصص".
- "التوفر على المراجع التربوية ذات العلاقة بخصائص مراحل النمو و مدخلات العملية التربوية ، و تصميم الخبرات التعليمية وتنفيذها وتقويمها".
- "تزويد المعلم بالمراجع التربوية والتعليمية ذات الصلة بالمادة".
ـ "أن يكون حاصلا على درجة أو شهادة كذا في التخصص كذا".
- أن يمتلك خبرة كذا سنوات كمشرف تربوي أول (..)".
2- والحقيقة أن السبب الأساس في الاضطراب المفاهيمي، هو غياب إطار نظري مرجعي واضح المعالم وغياب النظرة الشمولية في التعامل مع مهام المشرف التربوي وغياب معايير لتحديد أدواره و ترتيب مواصفاته وغياب فلسفة تربوية عامة أو منظور متماسك تنتظم وفقه الأبحاث والفرضيات والمفاهيم بشكل متناغم حول ما يسود هذا المجال. إن التوجه في معظم المصنفات ،لا يكون نتيجة تفكير واع ومنظم وعمل أصيل للتوليف بين النماذج والخروج بمقترح تركيبي موحد، بل هو نتيجة الهرولة وراء المستجدات دون فهمها و إدراك مغازيها والكشف عن خلفياتها وأبعادها.
وما يلاحظ عموما، على معظم الدراسات المهتمة بالموضوع، أنها تعتمد مصادر جزئية فلا تقدر بالتالي على الإحاطة بشكل شمولي بمواصفات المشرف ومهامه وأدواره، ومن هنا أهمية بل ضرورة وضع واشتقاق مصنف بكفايات المشرف التربوي باعتماد المصادر المتعددة والتي تتمثل فيما يلي:
- غايات التربية(فلسفة التربية)،
- الطلب الاجتماعي/ المهني،
- احتياجات التعليم والتدريب.
كما تتمثل تلك المصادر في: - فلسفة الإشراف التربوي المعاصرة؛- تحليل للدراسات التي تناولت الإشراف؛- تحليل لمهام ووظائف المشرف التربوي؛ - مراجعة القوائم التي أعدها باحثون سابقون.
كما ينبغي أن تعتمد كأساس لاشتقاق كفايات المشرف التربوي، المصادر التالية:
- دراسة تحليلية نقدية لنماذج الاتجاهات الإشرافية المعاصرة والتي تتمثل في: نموذج الإشراف الإكلينيكي والإشراف الدافعي والإشراف العلمي والإشراف الإرشادي والإشراف كعملية تفاعل بين شخصية...
- مقابلة واستفتاء عدد من المشرفين التربويين والمعلمين لمعرفة الاحتياجات و الاولويات والصعوبات... في مجال التعليم وفي مجال الإشراف (كاحتياجات المعلمين من التكوين والتكوين المستمر، على سبيل المثال).
- دراسات ميدانية للأعمال والوظائف التي يقوم بها المشرفون التربويون في واقع الممارسة.
3- كما سجلنا على النماذج السائدة ، عدم تعرضها لبعض الكفايات الضرورية للمشرف التربوي في وقتنا الراهن . وهكذا لاحظنا في مختلف التصنيفات التي اطلعنا عليها، غياب الحديث عن الكفايات التكنولوجية من مثل:
- التمكن من توظيف تكنولوجيا المعلوميات في مهمات الإشراف التربوي.
- القدرة على تصور ورسم وإبداع المنتجات التقنية؛
- التمكن من مهارات العمل اللازمة لتطوير تلك المنتجات وتكييفها مع الاحتياجات الجديدة في مجال الإشراف التربوي.
كما سجلنا ، كلما تعلق الأمر بكفايات التقويم والتي لاحظنا حضورها في جميع اللوائح ، غياب الحديث عن كفايات اختيار وضبط معايير مراقبة الجودة في التدريس وفي المؤسسات التعليمية.
كما لاحظنا على بعض النماذج غياب الكفايات البحثية، مثلما هو الأمر في نموذج عبيدات، في حين يوليه درفوفي عناية خاصة ويضعه في قمة الترتيب، كما أن الكفايات الإدارية وإن حضرت في كل التصنيفات إلا أنها لا تستعمل بمعنى واحد فتتفرع بالتالي من مصنف إلى آخر، إلى كفايات مختلفة.
التسميات
إشراف بالأهداف والكفايات