حرية الاجتماع في القرآن الكريم.. حرية الاجتماع مكفولة إذا لم تهدف إلى الكيد للمصلحة العامة وإفساد المجتمع وخيانة الأمة

حرية الاجتماع نستنبط حكمها من القاعدة الفقهية القائلة بأنّ الأصل في الأشياء الإباحة ثم إن انتقاد القرآن لاجتماعات المنافقين وفضحه لمكائد اليهود تدل على أن حرية الاجتماع مكفولة في الإسلام ما لم تكن هذه الاجتماعات ترمي إلى الكيد للمصلحة العامة وإفساد المجتمع وخيانة الأمة قال تعالى: "وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ*"([1]). وقد بعث إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، من يهدم مسجدهم ويحرقه عليهم لسوء استخدامهم لهذا الحق. وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ* يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ*"([2])
يدل مفهوم المخالفة لهذه الآيات أن الاجتماع أمر قد قررت حريته طالما أن المقصد هو الصالح العام وان اختلفت وجهات النظر في كيفية الوصول إلى المصلحة العامة لأن ما انتقدته الآيات في هؤلاء المنافقين هو من الأمور التي ليس فيها مجال للاختلاف أو احتمال حسن النية فالتفريق بين المؤمنين ومساعدة الأعداء والكفر الصريح ليس من الأمور التي تحتمل حسن المقصد وسلامة النية، أما ما دون ذلك فهي مساحة خضراء لا ينبغي أن يمنع فيها الناس من تنظيم أمورهم من خلال الاجتماعات التي نحصل من خلالها على تنسيق القوى العاملة وتنظيمها وغير ذلك من المقاصد البناءة ([3]).
([1]) سورة التوبة، الآية 107.
([2]) سورة التوبة، الآيتان 73- 74.
([3]) عودة عبد القادر، التشريع الجنائي الإسلامي، مكتبة دار العروبة، القاهرة، 1960م، ج1 ص33- 34. الزحيلي، حق الحرية في العالم، ص118- 125.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال