أصدر خيري دومة ترجمته لكتاب هام في هذا السياق، هو «القصة ـ الرواية ـ المؤلف: دراسات في نظرية الأنواع الأدبية المعاصرة» (1997). وضم الكتاب أربعة أقسام هي: القسم الأول «نظرية النوع»، وفيه مقالات رالف كوهين «التاريخ والنوع»، وتودوروف «الأنواع الأدبية»، وتوماس كنت «تصنيف الأنواع»، والقسم الثاني «القصة القصيرة والرواية نوعين أدبيين»، وفيه مقالتان لشارلز ماي «التحفيز الاستعاري في القص القصير»، وروبرت لوشر «متوالية القصة القصيرة: كتاب مفتوح»، والقسم الثالث «عروض نقدية»، وفيه مقالات لوسيان جولدمان «مقدمة إلى مشكلات علم اجتماع الرواية»، ووالتر ريد «مشكلات بويطيقا الرواية»، وروبرت شولز «إسهامات المدرستين الشكلية والبنيوية في نظرية القص»، وتوني بينيت «سوسولوجيا الأنواع: عرض نقدي»، والقسم الرابع «ما بعد الحداثة»، وفيه مقالات جوناثان كلر «نحو نظرية لأدب الأنواع»، وميشيل فوكو «ما معنى مؤلف؟»، ورالف كوهين «هل توجد أنواع ما بعد حداثية؟».
لقد وجد المترجم خيري دومة في مقدمته «أن الخيط الرهيف والعميق، الذي يجمع بين مقالات هذا الكتاب جميعاً، حتى تلك المقالات التي تتفهم مقترحات ما بعد الحداثة، وتكشف عن وجاهتها أحياناً، هو الانطلاق من أرضية واحدة، تلخص فيما يمكن أن نسميه تجديد نظرية النوع، وبيان إمكانية تطويرها بدلاً من التخلي عنها».
غير أن دومة يبالغ كثيراً في تقديراته لبعض المسائل التي أوردها عن نظرية الأنواع في التراث النقدي العربي، وفي النقد الأدبي الحديث، كمثل هذه التقديرات التي تمضي في الشطط: «تكاد المكتبة العربية تخلو من دراسة جادة، تتابع مظاهر التحولات النوعية التي اعترت مختلف الأنواع التقليدية، وتكشف عن مدى عمقها أو زيفها، وتقرأ دلالتها»، بينما ثمة بعض مقالات الكتاب ترجمت مرات، وثمة تجاهل للكتاب الذي ترجمه شبيل، أما أراؤه فتفتقر إلى التعليل مثلما جاوزها النقد إقراراً بأهمية استمرار التقاليد السردية العربية، كمثل رأيه «أن التراث النقدي الذي يعالج الأنواع الأدبية الحديثة خصوصاً، القصة والرواية والمسرحية، تراث أوروبي في معظمه، لم يعرف النقد العربي الكثير منه. لقد قفزت أحاديث الكتاب والنقاد فجأة إلى النقد ما بعد الحداثة، وإلىرفض مقولة النوع ومحاولة تجاوزها بناء عليه، وغالبية هذه الأحاديث لا تستند إلى أرضية اجتماعية وأيديولوجية تبرر تجاوز النوع الأدبي في الواقع العربي، إنما هي الموضوعات المتوالية التي لا تتيح لشيء أن يأخذ مداه ، ويستقر عليه»، ويفترض هذا الرأي انقطاع الواقع العربي عن تراث الإنسانية، فليس له أن يتفاعل معه، وليس له إلا أن يقلده على سبيل الموضات المتوالية.. الخ، ولعل التوقف، فيما بعد، عند الملامح الرئيسة لاشتغال النقد العربي باتجاه ما بعد الحداثة يوضح شيئاً من الإشكالية التي لا تخرج عن مدار المثاقفة، وتعزز في الوقت نفسه دوافع بحثنا عن الهوية في النقد الأدبي العربي الحديث بتمحيص انتشار الاتجاهات الجديدة لنقد لقصة والرواية وسيرورتها.
التسميات
نماذج نقدية روائية