الرواية التعليمية وتوفيق البطل بين قيمه الأصلية والعالم النسبي.. اكتشاف آفاق التغير في المستقبل في روايات تولستوي ودستويفسكي التي تبشر بعصر جديد

ظهرت (الرواية التعليمية) التي لا يغامر البطل فيها في فعل يعرف فشله فيه، كما أنه لا ينزوي داخل ذاته، بل يحاول التوفيق بين قيمه الأصلية والعالم النسبي، مرتكزاً على تجربته الحياتية كفرد، ومحاولاً فهم الواقع الخارجي.
ولكن هذه الكيفية لا تمثّل قبولاً للعالم ولا رفضاً له، وإنما تمثّل تجربة حياتية معاشة، ومحاولة فهم يسيطر فيها العالم الخارجي على ذاتية البطل الذي لا يمكنه تغيير العالَم، كما لا يمكنه التكيّف معه دون فقدان قيمه الأصلية.
وتمثّل رواية (ولهلم ميستر) لجوته هذه المرحلة.
وفي ختام (نظرية الرواية) يتجاوز لوكاش نظرته المأساوية إلى اكتشاف آفاق التغير في المستقبل في روايات تولستوي ودستويفسكي التي تبشر بعصر جديد.
إذ يرفض أبطال تولستوي ثقافة العالم الوضعي، ويتجهون نحو البحث عن عالم آخر يجدونه في الطبيعة.
وعندما قامت ثورة أكتوبر 1917 اعتقد لوكاش أن العالم الجديد الذي كان يبشر به دستويفسكي في رواياته قد أقبل، وأن القيم الأصلية سوف تتحقق في الواقع، وأن بداية النهاية لعالَم الإثم قد حانت.
وعندما سقط الحكم الامبراطوري في المجر عام 1918 وصعدت إلى الحكم مجموعة من الديمقراطيين البورجوازيين الراديكاليين انضمّ لوكاش إلى الحزب الشيوعي، وأصبح قائده، واشترك في الحكومة الشعبية المجرية كمحافظ شعبي للثقافة.
وعندما سقطت هذه الحكومة هاجر إلى فيينا عام 1930، ثم غادر منفاه إلى موسكو حيث عمل في معهد ماركس ـ إنجلز للعلوم الإنسانية.
والواقع أن لوكاش، قد امتلك ذوقاً كلاسياً، ورؤية سكونية للانعكاس الفني، ورؤية ماضوية للأدب.
لذلك لم ينتقل إلى مناقشة الأدب الثوري الجديد الذي نشأ في ظل الثورة الاشتراكية.
كما لم يلتفت إلى التقنيات الروائية الحداثية الغربية، فظل يراوح  في مرحلته.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال