حماية الحريات الخاصة في القرآن.. الضرورات الخمس هي مقاصد الشريعة وهي حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال

تتمثل حماية القرآن للحريات الخاصة في اهتمام الشارع الحكيم بالضرورات الخمس وهي ما تسمى بمقاصد الشريعة، وهي حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
وقد عرفها الشاطبي في الموافقات بأنها: (ما لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا)([1])، وقد أكد القرآن على ضرورة المحافظة على هذه الضرورات الخمس في قوله تعالى: "قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*"([2]). فقد اشتملت هذه الآيات الكريمة على العناية بالضروريات الخمس، فقد ورد فيها حفظ الدين في قوله تعالى (ألا تشركوا به شيئاً)، وقوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيماً)، كما ورد فيها حفظ النفس في قوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق)، وقوله تعالى (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)، كما ورد فيها حفظ العرض في قوله تعالى (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)، وجاء حفظ المال في قوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)، وقوله تعالى (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط)، أما حفظ العقل فمطلوب أيضاً لأن التكليف بهذه الأمور لا يكون إلا لمن سلم عقله ولا يقوم بها فاسد عقل لقوله تعالى (لعلكم تعقلون) ([3]).
([1]) أبو اسحاق إبراهيم بن موسى القرناطي، الموافقات في أصول الشريعة، تحقيق عبد الله دراز، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ج2، ص8.
([2]) سورة الأنعام، الآيات 151- 153.
([3]) محمد سعد بن أحمد اليوبي، مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية، دار الهجرة للنشر والتوزيع، ط1، 1998م، ص187- 188.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال